كيف أعلم ابنتي الدفاع عن نفسها وأقوي شخصيتها؟
قدرة الأطفال على الدفاع عن أنفسهم وحماية ممتلكاتهم تختلف من طفل لآخر، وقد تعود أسباب العجز في القدرة على الدفاع عن النفس عند بعض الأطفال إلى أسباب تختلف باختلاف الطفل وظروف تنشئته.
أواجه مشكلة مع بنتي عمرها سنتان وأربعة شهور، لا تدافع عن نفسها نهائيًا عندما يضربها أحد الأطفال، تقف ساكتة أو عندما يأخذ أحد منها أحد ألعابها تسكت، وتنظر إلى لعبتها تريدها، لكن لا تأخذها منه، تفقد الجرأة، ابنتي حتى عندما تريد شيئًا تنظر فيه ولا تطلبه.
أريدها أن تعرف كيف تدافع عن نفسها، لتطلب ما تريد.
أرجو المساعدة.
أختي الكريمة: حياك الله تعالى وبارك لك في طفلتك، وأسعد قلبك بها دنيا ودين.
وأريدك أن تعلمي أن قدرة الأطفال على الدفاع عن أنفسهم وحماية ممتلكاتهم تختلف من طفل لآخر، وقد تعود أسباب العجز في القدرة على الدفاع عن النفس عند بعض الأطفال إلى أسباب تختلف باختلاف الطفل وظروف تنشئته، ومن هذه الأسباب:
- درجة النضج العاطفي والاجتماعي عند الطفل، فهل هو مهيأ للتفاعل مع أقرانه ومواجهة الاحتكاكات والصراعات التي تنشأ باحتكاكه بهم، فبعض الأطفال يجدون فرصًا كثيرة للتفاعل الاجتماعي منذ نعومة أظفارهم، خاصة إن كان للأسرة علاقات اجتماعية واسعة، وكانوا محاطين بالأهل والأقارب والأصدقاء، وأتيحت للطفل الكثير من الفرص للاختلاط بالأطفال، والبعض الآخر قد ينشأ في أسرة صغيرة بعيدًا عن باقي الأقارب، فلا يحصل على فرص كافية للاختلاط بالأطفال وتطوير مهاراته الاجتماعية والتفاعلية معهم، خاصة عندما يكون الطفل الأول أو الوحيد في الأسرة، وليس له أخوة يتعلم منهم.
أمر مهم أيضًا هو طريقة التربية، وهل يحيط الأهل الطفل بالكثير من الحماية عادة والكثير من الدلال، فالطفل المدلل الذي يبالغ الأهل في حمايته لا يقدر أولًا قيمة الأشياء والألعاب التي يملكها، فيأخذها منه الأطفال الآخرون بأقل جهد، وثانيًا: فإن فرط الدلال والحماية والخوف عليه من قبل الأهل يضعف شخصيته ويحرمه اكتساب المهارات الشخصية والاجتماعية التي تمكنه من الدفاع عن نفسه ومواجهة أي تحد يعترضه، فيضرب ولا يقاوم، ويزجر ولا يعترض، وهذا يشير إلى افتقاره للمهارات الأساسية التي تمكنه من حماية نفسه.
ضعف الثقة بالنفس، وهذا مرده عوامل كثيرة منها مثلا كما أسلفت، الإفراط في الحماية والدلال، أو على النقيض من ذلك، القسوة في معاملة الطفل كاستخدام الضرب والزجر والنهي وكثرة الانتقاد، فإن تعود الطفل أن يضرب أو يشتم ويزجر من قبل الأهل ويتقبل هذا، فهو قد يتقبل الضرب والزجر من أقرانه أيضًا ولا يقاومه.
- كما أن الجو الأسري أيضًا يلعب دورًا في بناء المهارات الأساسية لدى الطفل؛ فإن كان الجو الأسري يعكس الاستقرار والمحبة بين أفراده، وتستخدم فيه لغة الحوار والنقاش، خاصة مع الطفل نفسه، فإن تعويد الطفل التحدث والتعبير عن نفسه وإبداء رأيه أمر يساعده في اكتساب مهارات الحديث والقدرة على رد الأذى والدفاع عن النفس.
وأنت الآن تحتاجين إلى تعزيز ثقة طفلتك بنفسها أكثر، وتعليمها المزيد من المهارات الحياتية التي تقوي من شخصيتها، ومن قدرتها على الدفاع عن نفسها، وتعليمها الاعتماد على النفس قدر المستطاع.
وإليك ببعض النصائح التي تساعد في تقوية شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه:
أن تبدئي بتعليمها الاستقلالية، وهي في عمر السنتين تبحث عن الاستقلالية كحاجة من حوائجها النفسية والنمائية في هذه المرحلة العمرية، فلا تبالغي في حمايتها، وأتيحي لها الفرص للمشاركة في عمل الأشياء التي ترغب بعملها، وأشركيها معك في الأنشطة المنزلية، ودعيها تساعدك على قدر استطاعتها ودعيها تجرب عمل الأشياء التي ترغب بعملها بنفسها وشجعيها، فإن أخطأت دعيها تجرب مرة أخرى ولا تنهريها أو توبخيها إن حاولت تقليدك في عمل ما، ثم ابدئي بتشجيعها على تعلم بعض المهارات المهمة مثل أن تتعلم أن ترتدي ملابسها بنفسها وتلبس حذاءها، وتتعلم أن ترتب سريرها مثلًا، أو ترتب ألعابها.
ابحثي عن القدرات الصغيرة التي تملكها وتتميز بها ونميها لديها، وشجعيها على أي إنجاز تقوم به، ولو كان صغيرًا، وأشعريها بإعجابك بالأشياء الجيدة التي تفعلها وامدحيها عليها، وتجنبي الانتقادات السلبية أو التركيز على أخطائها، فهذا أمر يضعف ثقة الطفل بنفسه.
تعاملي معها باحترام وتقدير كما تتعاملين مع شخص بالغ، واستخدمي معها لغة الحوار والنقاش، واستمعي لكلامها، وإن أتتك تسألك عن أمر ما أو تحدثك، فاتركي ما بيدك، واستمعي إليها بكل حواسك، واستخدمي معها لغة الاحترام فأكثري من "لو سمحت" و "شكرا"، فإن هذا الاحترام الذي نعامل به أطفالنا ينعكس على شعورهم بالاحترام لأنفسهم وتقديرها.
الابتعاد عن الدلال والإفراط في حمايتها، فالدلال يفسد شخصية الطفل ويضعف ثقته بنفسه وقدراته، ويجعله أكثر عجزًا وسلبية من أقرانه،كما أنصح بتجنب ضربها، إن كنت تعاقبينها بالضرب، وتجنب كثرة التنبيه وكثرة التعليق والانتقاد، وأطلقي عليها الصفات والألقاب الإيجابية التي تعزز من ثقتها بنفسها.
كما من المهم أن تتجنبي لومها وانتقادها بأنها لا تدافع عن نفسها أو التركيز على هذه المشكلة أمامها، ولا تكرريها على مسمعها حتى لا تعلق بذهنها فتترسخ لديها.
تجنبي تعليم طفلتك أن تضرب الأطفال الآخرين وتقابل عنفهم بالعنف، فنحن بهذا نعلمهم أننا نعيش في شريعة الغاب ونعلمهم العدوانية، ولكن علميها كيف ترد على من يأخذ دميتها مثلا بالكلام وتطلب استرجاع دميتها، فإن تعرضت للعنف فردها بالعنف يكون فقط دفاعًا عن نفسها.
وهنالك طريقة بسيطة تستخدم مع الأطفال الصغار لتعليمهم كيفية الدفاع عن أنفسهم بطريقة عملية، بأن تحضري دميتين محشوتين، وحاولي أن تكونا بحجم يقارب حجمها، وسمي كل واحد منهما، وعلميها أن أحدهما طفل مؤدب يحب أصدقائه ويلعب معه بلطف دون ضرب واعتداء، بينما الأخر مشاكس ومزعج ويضرب أصدقائه الأطفال أو يأخذ منهم ألعابهم، ودعيها هي تمسك بالدمية التي تمثل الطفل اللطيف وتحركها على أنها هي، وأنت تمسكين بالدمية المؤذية وتحركينها، وعلميها كيف تدفعها عن الدمية التي معها بيديها وتبعدها عنها. ثم مثلي بالدمية أيضًا أنك تأخذين دميتها الصغيرة منها وعلميها كيف تسترجعها بيدها وتقول: "هذه دميتي أعدها".
وعلميها من خلال هذا اللعب كيف تلعب بلطف مع من يلعب معها، وكيف تدافع عن نفسها إن تعرض لها طفل أخر أو حاول أخذ دميتها كيف تصده وتبعده، وبهذا فأنت أيضًا ستخلقين عندها فهما صحيحًا متى عليها أن تستخدم يديها وقوتها ومتى ينبغي أن تتعامل بلطف، حتى لا تصبح عدوانية وتستخدم الضرب للاعتداء على الغير.
كما أن قراءة القصص الهادفة للطفل، والتي تناسب مستوى فهمه ولغته تساعد أيضًا في ترسيخ المفاهيم التي نريد تعليمها للطفل وبأسلوب بسيط، فاختاري قصصًا تتحدث عن مشكلتها أو إن لم تجدي فصيغي بلغتك الخاصة قصة تشابه قصتها واسرديها لها ووصلي لها ما تريدن أن تعلميها إياه من خلال القصة.
ويبقى الأمر الأهم وهو أن الأسرة تلعب الدور الرئيسي في توفير الأمان النفسي للطفل وتعزيز ثقته بنفسه وبناء مهاراته، فاحرصي على توفير بيئة أسرية آمنة يسودها المحبة والاحترام المتبادل بين الوالدين ومع الطفل، فلا صراخ وتجريح أو ضرب أو إهانات، فيشعر الطفل بالحب والقبول والاحتواء في أسرته، وتتعزز ثقته بنفسه، ويتعلم الأساليب والمهارات النمائية المختلفة التي يحتاجها في تطوير شخصيته، وهذا طبعًا سينعكس في قدرة الطفل على الدفاع عن نفسه وحمياتها وتقديرها.
ودمتم سالمين.
المستشار: أ. فدوى الشمايله
Raniaa Ellabody
منذZohra Zohra
منذ