الكلام على أنواع من البيوع
منذ 2006-12-01
السؤال: مسألة تنتشر في أسواقنا اليوم، وهي بيع البضاعة قبل شرائها، لكن بعد
الاتصال هاتفياً بمن توجد عنده البضاعة والتأكد من وجودها، يقوم
التاجر ببيعها ثم يشتريها بعد ذلك، إما من النقد الذي باعها به أو من
غيره فما حكم هذه الصفقة؟
الإجابة: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي
الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، فهذا يقتضي تحريم
بيع الإنسان لما ليس عنده، وذلك أن البيع في الأصل إنما شُرع من أجل
منع حصول الخلاف والشقاق بين الناس، فإذا كان يؤدي إلى الخلاف والشقاق
فإنه جاء على غير ما شرع من أجله، ولذلك.
فإن الإنسان إذا باع ما ليس لديه صعب عليه إحرازه، فقد يرتفع السعر وقد ينخفض، وقد يُعدم المبيع أصلاً فيقع الغرر، والغرر ممنوع في العقود إذا كان قوياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
وقد ذهب الشافعية إلى جواز السَّلَم الحال، وصورته أن تكون البضاعة معروفة موجودة في السوق مأمونة لا يتوقع نفادها في السوق، ولا يتوقع ارتفاع سعرها في هذه المدة، فيأتي طالبها فيبيعها له صاحب المحل سَلَمَاً ويأخذ منه رأس المال في نفس المجلس ثم يشتريها له، فعند الشافعية وبعض المالكية يجوز هذا على أنه سلم حال.
والسلم هو في الأصل أن تدفع مالاً لإنسان في بضاعة يدفعها إليك بعد أجل، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: " "، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأجل من أركان السلم، ولذلك تعرفون في المذهب المالكي في شروط السلم سبعة شروط:
الشرط الأول قبض رأس المال أي تعجيله، أو تأخيره ثلاثة أيام عند المالكية وحدهم، ومذهب جمهور أهل العلم منع ذلك لأن فيه ابتداء الدين بالدين.
الشرط الثاني أن يُضبط بضابط عادته في البلد من كيل أو عد أو وزن.
والشرط الثالث أن تبين صفاته التي تختلف بها الرغبة فيه.
والشرط الرابع أن لا يكونا طعامين ولا نقدين ولا شيئاً في أكثر منه أو أجود كالعكس.
والشرط الخامس أن يؤجل.
والشرط السادس أن يكون الأجل معلوماً.
والشرط السابع أن يوجد عند محله عادة.
فهذه الشروط السبعة هي لدى المالكية ولدى من سواهم أيضاً إلا الشافعية فإنهم يرون أن الأجل غير شرط في السلم فيمكن أن يكون السلم حالاً، وقد قال بهذا بعض المالكية، ولذلك يقول العلامة محمد مولود ولد أحمد فال رحمه الله في الكفاف:
وإذا احتاج الإنسان لمثل هذا النوع من العقود فإن المسألة قابلة للاجتهاد لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " "، يمكن أن يكون معنى ذلك اشتراط الأجل في السلم، لأنه قال: " "، كما ذهب إليه الجمهور، ويمكن أن يكون المعنى فإن كان مؤجلاً فإلى أجل معلوم، لأنه قال: " "، وقد قال ابن حزم رحمه الله إن الذين يشترطون الأجل بهذا الحديث يلزم أن يشترطوا أيضاً اجتماع الكيل والوزن لأنه قال: " "، وعلى هذا فيلزم أن يجمعوا بين الكيل والوزن والأجل، وهذا لا يقول به أحد، فدل ذلك على قوة مذهب الشافعي في هذه المسألة.
وعلى هذا فهذا النوع من العقود يمكن أن يجرى على السلم الحال، فيقول الإنسان لآخر ادفع إليَّ مبلغاً قدره كذا وكذا حالاً الآن، وأتعهد لك بهذه البضاعة بالصفة المعينة والقدر المعين، ولا بد أن تكون البضاعة معلومة العدد والصفة، وأن تذكر صفاتها التي تختلف بها الرغبة فيها ككل السلم، هذا القول هو مذهب الشافعي وبعض المالكية يمكن الإفتاء به في مثل هذه النازلة لحاجة الناس إليها ولأن الدليل قابل لذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
فإن الإنسان إذا باع ما ليس لديه صعب عليه إحرازه، فقد يرتفع السعر وقد ينخفض، وقد يُعدم المبيع أصلاً فيقع الغرر، والغرر ممنوع في العقود إذا كان قوياً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.
وقد ذهب الشافعية إلى جواز السَّلَم الحال، وصورته أن تكون البضاعة معروفة موجودة في السوق مأمونة لا يتوقع نفادها في السوق، ولا يتوقع ارتفاع سعرها في هذه المدة، فيأتي طالبها فيبيعها له صاحب المحل سَلَمَاً ويأخذ منه رأس المال في نفس المجلس ثم يشتريها له، فعند الشافعية وبعض المالكية يجوز هذا على أنه سلم حال.
والسلم هو في الأصل أن تدفع مالاً لإنسان في بضاعة يدفعها إليك بعد أجل، وفي الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: " "، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأجل من أركان السلم، ولذلك تعرفون في المذهب المالكي في شروط السلم سبعة شروط:
الشرط الأول قبض رأس المال أي تعجيله، أو تأخيره ثلاثة أيام عند المالكية وحدهم، ومذهب جمهور أهل العلم منع ذلك لأن فيه ابتداء الدين بالدين.
الشرط الثاني أن يُضبط بضابط عادته في البلد من كيل أو عد أو وزن.
والشرط الثالث أن تبين صفاته التي تختلف بها الرغبة فيه.
والشرط الرابع أن لا يكونا طعامين ولا نقدين ولا شيئاً في أكثر منه أو أجود كالعكس.
والشرط الخامس أن يؤجل.
والشرط السادس أن يكون الأجل معلوماً.
والشرط السابع أن يوجد عند محله عادة.
فهذه الشروط السبعة هي لدى المالكية ولدى من سواهم أيضاً إلا الشافعية فإنهم يرون أن الأجل غير شرط في السلم فيمكن أن يكون السلم حالاً، وقد قال بهذا بعض المالكية، ولذلك يقول العلامة محمد مولود ولد أحمد فال رحمه الله في الكفاف:
والشافعي وقوم آخرونَ
لسلم حل مُجوِّزونَ
وإذا احتاج الإنسان لمثل هذا النوع من العقود فإن المسألة قابلة للاجتهاد لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " "، يمكن أن يكون معنى ذلك اشتراط الأجل في السلم، لأنه قال: " "، كما ذهب إليه الجمهور، ويمكن أن يكون المعنى فإن كان مؤجلاً فإلى أجل معلوم، لأنه قال: " "، وقد قال ابن حزم رحمه الله إن الذين يشترطون الأجل بهذا الحديث يلزم أن يشترطوا أيضاً اجتماع الكيل والوزن لأنه قال: " "، وعلى هذا فيلزم أن يجمعوا بين الكيل والوزن والأجل، وهذا لا يقول به أحد، فدل ذلك على قوة مذهب الشافعي في هذه المسألة.
وعلى هذا فهذا النوع من العقود يمكن أن يجرى على السلم الحال، فيقول الإنسان لآخر ادفع إليَّ مبلغاً قدره كذا وكذا حالاً الآن، وأتعهد لك بهذه البضاعة بالصفة المعينة والقدر المعين، ولا بد أن تكون البضاعة معلومة العدد والصفة، وأن تذكر صفاتها التي تختلف بها الرغبة فيها ككل السلم، هذا القول هو مذهب الشافعي وبعض المالكية يمكن الإفتاء به في مثل هذه النازلة لحاجة الناس إليها ولأن الدليل قابل لذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
محمد الحسن الددو الشنقيطي
أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.
- التصنيف: