تضعيف الشيخ الألباني وتصحيحه
منذ 2007-01-03
السؤال: يقول السائل: الشيخ ناصر الدين الألباني رحمة الله عليه سمعنا من يقول
إنه ضعَّف أحاديث أصلها الصحة، وضعَّف أحاديث صحيحة، فهل لذلك من أصل؟
وما مدى صحة هذا القول؟
الإجابة: إن الشيخ الألباني رحمة الله عليه هو من الذين أحيوا علم التخريج في
هذا الزمان، فقد أحيا لدى الناس علم تخريج السنة والحكم عليها والبحث
في الرجال، وكان من أشهر أهل هذا الزمان في ذلك، وقد اجتهد فيه،
واجتهاده مثل غيره من الاجتهادات فيه صواب وفيه خطأ، فبعض ما صححه من
الأحاديث لم يوافقه غيره على التصحيح، وقد تبين خطؤه في بعض تلك
الأمور، ولذلك رجع هو عن بعض تصحيحاته، وبعض ما ضعفه من الأحاديث
أيضاً تبين خطؤه فيه ولذلك رجع هو عن بعض ذلك، وكل طبعة من كتاب له
فالطبعة التي بعدها فيها رد على نفسه ورجوع عن بعض ما كان أنتج.
وهذا من شأن العلماء، ومن الإنصاف والصدق، فقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: "ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه بالأمس فراجعت فيه نفسك فهديت فيه إلى رشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا ينقضه شيء، وإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل"، فلذلك رجع هو رحمه الله عن كثير من الأمور التي أخطأ فيها، ولا بد أن يبقى بعض الأخطاء في عمله مثل عمل كل من ليس معصوماً، فلذلك لا ينبغي أن يؤخذ تصحيحه بالإطلاق ولا تضعيفه بالإطلاق، وبالأخص أن المتأخرين من أهل العلم اختلفوا في التصحيح والتضعيف هل هما ممكنان لدى المتأخرين أم لا، فابن الصلاح رحمه الله يرى أن التضعيف والتصحيح غير ممكنين في الزمان المتأخر، لأن الإنسان لم يلق الرجال السابقين، وقد اختلف أهل العلم في كثير منهم ما بين معدل ومجرح، والنووي رحمه الله يرى إمكان وجواز التصحيح والتضعيف.
والتضعيف أصعب من التصحيح، فالتصحيح إذا وجد الإنسان طريقاً واحداً لحديث جزم بصحة الحديث من ذلك الطريق بالإمكان أن يصححه، لكن التضعيف صعب جداً لأنك إذا جمعت مائة طريق للحديث وضعفتها جميعاً فإنك لا تجزم بأنه لم يبقَ له طريق آخر يمكن أن يصح منه، فالتضعيف أصعب من التصحيح، والشيخ الألباني رحمة الله عليه بعض ما دخل عليه من الأخطاء وجهه أنه يعتمد على نسخة واحدة ويكون هو غير راوٍ لها، لم يروها ولم يقرأها على أحد من أهل العلم، وكثير من النسخ فيها أخطاء، فالكتب لا تخلو من أخطاء، ولذلك فإنه رحمه الله مثلاً ضعَّف حديثاً في سنن البيهقي وقد طبع في الطبعة عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس فضعفه قال: عبيد الله بن عبد الله بن عباس مجهول فالحديث ضعيف، وهذا خطأ مطبعي، فأصل الكلام عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس، وعبيد الله هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الإمام أحد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة، وهو أثبت الناس في ابن عباس بالإجماع، فالغلط المطبعي كان سبباً للتضعيف، وهكذا فهذا النوع من الأخطاء سببه أخطاء مطبعية أو أخطاء خطية في المخطوطات.
ولا تكون نقصاً في اجتهاد الألباني، ولا درجته ولا في إخلاصه، ولا في علمه، بل هي أخطاء وهو غير معصوم مثل غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
وهذا من شأن العلماء، ومن الإنصاف والصدق، فقد كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: "ولا يمنعنك قضاء قضيت فيه بالأمس فراجعت فيه نفسك فهديت فيه إلى رشدك أن ترجع إلى الحق، فإن الحق قديم لا ينقضه شيء، وإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل"، فلذلك رجع هو رحمه الله عن كثير من الأمور التي أخطأ فيها، ولا بد أن يبقى بعض الأخطاء في عمله مثل عمل كل من ليس معصوماً، فلذلك لا ينبغي أن يؤخذ تصحيحه بالإطلاق ولا تضعيفه بالإطلاق، وبالأخص أن المتأخرين من أهل العلم اختلفوا في التصحيح والتضعيف هل هما ممكنان لدى المتأخرين أم لا، فابن الصلاح رحمه الله يرى أن التضعيف والتصحيح غير ممكنين في الزمان المتأخر، لأن الإنسان لم يلق الرجال السابقين، وقد اختلف أهل العلم في كثير منهم ما بين معدل ومجرح، والنووي رحمه الله يرى إمكان وجواز التصحيح والتضعيف.
والتضعيف أصعب من التصحيح، فالتصحيح إذا وجد الإنسان طريقاً واحداً لحديث جزم بصحة الحديث من ذلك الطريق بالإمكان أن يصححه، لكن التضعيف صعب جداً لأنك إذا جمعت مائة طريق للحديث وضعفتها جميعاً فإنك لا تجزم بأنه لم يبقَ له طريق آخر يمكن أن يصح منه، فالتضعيف أصعب من التصحيح، والشيخ الألباني رحمة الله عليه بعض ما دخل عليه من الأخطاء وجهه أنه يعتمد على نسخة واحدة ويكون هو غير راوٍ لها، لم يروها ولم يقرأها على أحد من أهل العلم، وكثير من النسخ فيها أخطاء، فالكتب لا تخلو من أخطاء، ولذلك فإنه رحمه الله مثلاً ضعَّف حديثاً في سنن البيهقي وقد طبع في الطبعة عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس فضعفه قال: عبيد الله بن عبد الله بن عباس مجهول فالحديث ضعيف، وهذا خطأ مطبعي، فأصل الكلام عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس، وعبيد الله هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الإمام أحد الفقهاء السبعة من فقهاء المدينة، وهو أثبت الناس في ابن عباس بالإجماع، فالغلط المطبعي كان سبباً للتضعيف، وهكذا فهذا النوع من الأخطاء سببه أخطاء مطبعية أو أخطاء خطية في المخطوطات.
ولا تكون نقصاً في اجتهاد الألباني، ولا درجته ولا في إخلاصه، ولا في علمه، بل هي أخطاء وهو غير معصوم مثل غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
محمد الحسن الددو الشنقيطي
أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.
- التصنيف: