قرأت حديثاً في البخاري لا أصدقه وأعتقد أنه غير صحيح
منذ 2006-12-01
السؤال: قرأت حديثاً في البخاري لا أصدقه وأعتقد أنه غير صحيح رقم 234 الكتاب
4 مجلد 1
روى أبو قلابة عن أنس قال: نزل قوم من عكل وعرينة المدينة فاجتووها فأمرهم النبي عليه السلام أن يشربوا أبوال وألبان إبل الصدقة ثم بعد أن شفوا ذبحوا القطيع وساقوا البقية فأرسل إليهم النبي فأتوا بهم ظهراً ثم أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ووسمت عيونهم بالحديد المحمى ثم أخرجوا إلى الحرة وحين طلبوا ماءً لم يعطوا. قال أبو قلابة: هؤلاء أقوام سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إسلامهم وحاربوا الله ورسوله. (أو كما قال)
شكراً،
روى أبو قلابة عن أنس قال: نزل قوم من عكل وعرينة المدينة فاجتووها فأمرهم النبي عليه السلام أن يشربوا أبوال وألبان إبل الصدقة ثم بعد أن شفوا ذبحوا القطيع وساقوا البقية فأرسل إليهم النبي فأتوا بهم ظهراً ثم أمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم ووسمت عيونهم بالحديد المحمى ثم أخرجوا إلى الحرة وحين طلبوا ماءً لم يعطوا. قال أبو قلابة: هؤلاء أقوام سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إسلامهم وحاربوا الله ورسوله. (أو كما قال)
شكراً،
الإجابة: أولاً : يجب على المسلم أن يعلم أنَّ صحيح الإمام البخاري وصحيح
الإمام مسلم رحمهما الله تعالى يعتبران أصحَّ كتابين بعد كتاب الله
تعالى ، وما فيهما من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم
كلها صحيحة يجب على المسلم الإيمان بها وتصديقها والعمل بمقتضاها ،
ولا يجوز للمسلم أن يشكَّ فيها أو يقول عنها (لا أصدقه وأعتقد أنه غير
صحيح ) لأن الواجب على المسلم الانقياد والتسليم لأوامر الله ورسوله
وأخبارهما وتصديق كل ما ورد في الكتاب والسنة من الأخبار والأحكام
والرضا بها كلها جملة وتفصيلاً ، ويجب على المسلم إذا أشكل عليه شيء
أن يتهم فهمه وعقله ، ثم ليبادر بسؤال أهل العلم المتخصصين في هذا
المجال ، ولا يجوز للمسلم أن يعمل عقله في ردِّ نصوص وأخبار الكتاب
والسنة ، ومن ردَّ أمر الله ورسوله أو خبراً من الأخبار الواردة في
الكتاب والسنة ، بعد علمه بأنها حق وصدق ، ولكن بعقله لم يتقبله ،
فإنه بعد التبيين له ونصحه وإصراره على رأيه يكفر كفراً أكبر مخرجاً
عن الملة ، وكذا مثله من شكَّ فيهما مجرد شكٍّ .
ثانياً : الحديث الذي ذكرته صحيح لا غبار عليه ، فقد رواه كلٌّ من : البخاري ( 1 / 69 و 382 - 2 / 251 - 3 / 119 - 4 / 58 و 299 ) ومسلم ( 5 / 101 ) وأبوداود ( 4364 - 4368 ) والنسائي ( 1 / 57 - 2 / 166 ) والترمذي ( 1 / 16 - 2 / 3 ) وابن ماجه ( 2 / 861 و 2578 ) والطيالسي ( 2002 ) والإمام أحمد ( 3 / 107 و 163 و 170 و 233 و 290 ) من طرق كثيرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها ، فقال لهم رسول الله عليه وسلم : إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا ، فصحّوا ، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام ، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في أثرهم ، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمَّل أعينهم ، وتركهم في الحرة حتى ماتوا . وهذا سياق الإمام مسلم .
وزاد في رواية : ( قال أنس : إنما سمّل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة .
وزاد أبوداود في رواية : فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً } الآية ، وإسناده صحيح .
وانظر لمزيد الفائدة انظر تخريجه في : إرواء الغليل للشيخ العلامة الألباني رحمه الله ( 1 / 195 )
ثالثاً : وخلاصة القصة في الحديث هو : أن أناساً من قبيلة عرينة قدموا المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وادعوا أنهم مسلمين ، وكانوا يعانون من أنواع الأمراض والأوبئة ومنها الحمى وغيرها فلما دخلوا المدينة ، ورآهم النبي صلى الله عليه وسلم رقَّ لحالهم وأمرهم بأن يخرجوا إلى خارج المدينة ، وأن يذهبوا إلى الإبل الخاصة بالصدقة والتي ترعى في الصحراء والمراعي الطبيعية ، حيث نقاء الجو وصفائه ، وبعده من الأمراض والأوبئة ، وأمرهم بأن يشربوا من ألبان إبل الصدقة وأبوالها ، لأنهم من المسلمين ، فلما شربوا منها شفاهم الله تعالى ، وعادت لهم صحتهم وحيويتهم ونشاطهم السابق ، فقاموا بمقابلة هذا الإحسان والمعروف بالنكران والخيانة ، فكفروا وقتلوا الرعاة لإبل الصدقة وسملوا أعينهم ، وسرقوا الإبل وفرُّوا بها ، فأرسل خلفهم النبي صلى الله عليه وسلم من يقبض عليهم فذهب الصحابة إليهم وقبضوا عليهم وجاوؤا بهم وقت الظهر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتلوا بطريقة تكون فيها عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه أن يعتدي على حرمات المسلمين وأعراضهم وأموالهم ودمائهم ، فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وتكحيل أعينهم بحديد محمي على النار فعموا بها حتى ماتوا .
رابعاً : وفي الحديث دلالة صريحة وواضحة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى حالهم السيء وما أصابهم من المرض والجهد بسبب الحمى والبلاء ، أمرهم أن يخرجوا إلى خارج المدينة ويذهبوا إلى إبل الصدقة ( وهي الجمال التي ترعى في المراعي الطبيعية وتعود ملكيتها لبيت مال المسلمين ) وأمرهم بان يشربوا من ألبانها وأبوالها ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم واجب تنفيذه وطاعته لقوله تعالى ( وإن تطيعوه تهتدوا ) وقوله ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً ) وقوله تعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وقوله تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) وقوله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم )
وهذا الأمر في الحديث كان لأجل علاجهم من أمراضهم التي أصابتهم ، وهذا من إعجاز الطب النبوي الشريف ، والأمر مجرَّب محسوس ، وكون بعض النفوس الآن لا تشتهي ولا تستسيغ أبوال الإبل فهذا أمر راجع إلى المريض نفسه فإن شاء أن يتعالج به وإن شاء تركه ، وهو من باب الأخذ بالأسباب ، ولكن مع هذا فإنه يجب عليه أن يؤمن بأن هذا الأمر فيه فائدته ونفع عظيم للمريض ، لئلا يشك ويرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيقع في المحظور العظيم المذكور سابقاً .
وأكبر دليل على صدق هذا الأمر هو ما أشار إلى الصحابي بقوله ( فشفوا ) أي : أن هؤلاء المرضى قد شفاهم الله تعالى بسبب شربهم لألبان الإبل وأبوالها ، وصاروا يتمتعون بصحة وعافية ، وقد عادت عافيتهم إليهم .
لكنهم بعد هذا المعروف الذي أسدِيَ إليهم نكروه وقاموا بأخذ الإبل وقتلوا الراعي ، وكما قال أبو قلابة ( إنهم كفروا بعد إسلامهم ) فلما أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من يقبض عليهم وتمكَّن الصحابة من القبض عليهم قبل فرارهم ، أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بمعاملتهم معاملة المحاربين لله ورسوله وهي الواردة في قوله تعالى في سورة المائدة ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم )
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف ( أي عكس بعضها فتقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ) ثم نكاية بهم وتعزيزاً لهم وردعاً لغيرهم ممن يتربص بالمؤمنين الشر وليكونوا عبرة لغيرهم من المنافقين والأعراب المشركون الطامعون في خيرات المدينة أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحمى الحديد على النار وتسمَّل ( أي تكحَّل ) أعينهم بها فعموا ، فلما طلبوا الماء لم يعطوا حتى ماتوا ، وهذه عقوبة تعزيرية لهم يعود للإمام الحق في الاجتهاد في الحكم بها لما يراه من المصلحة في ذلك ، وإلا فإن حكم المرتد هو القتل بكل حال لقوله صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فاقتلوه ) إضافة إلى أن هؤلاء قد قتلوا راعي إبل الصدقة بغير حق وظلماً وعدواناً ( وهو من المسلمين ) .
وليست هذه بشاعة أو أمراً غريباً لأنه أمر الله تعالى الحكيم في تشريعه ، العليم بما ينفع عباده ويصلحهم ، الرحيم بهم وبحالهم ، ورسوله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى .
والله تعالى أعلم وأحكم ..
ثانياً : الحديث الذي ذكرته صحيح لا غبار عليه ، فقد رواه كلٌّ من : البخاري ( 1 / 69 و 382 - 2 / 251 - 3 / 119 - 4 / 58 و 299 ) ومسلم ( 5 / 101 ) وأبوداود ( 4364 - 4368 ) والنسائي ( 1 / 57 - 2 / 166 ) والترمذي ( 1 / 16 - 2 / 3 ) وابن ماجه ( 2 / 861 و 2578 ) والطيالسي ( 2002 ) والإمام أحمد ( 3 / 107 و 163 و 170 و 233 و 290 ) من طرق كثيرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ناساً من عرينة قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فاجتووها ، فقال لهم رسول الله عليه وسلم : إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها ففعلوا ، فصحّوا ، ثم مالوا على الرعاة فقتلوهم وارتدوا عن الإسلام ، وساقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في أثرهم ، فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمَّل أعينهم ، وتركهم في الحرة حتى ماتوا . وهذا سياق الإمام مسلم .
وزاد في رواية : ( قال أنس : إنما سمّل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الرعاة .
وزاد أبوداود في رواية : فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً } الآية ، وإسناده صحيح .
وانظر لمزيد الفائدة انظر تخريجه في : إرواء الغليل للشيخ العلامة الألباني رحمه الله ( 1 / 195 )
ثالثاً : وخلاصة القصة في الحديث هو : أن أناساً من قبيلة عرينة قدموا المدينة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وادعوا أنهم مسلمين ، وكانوا يعانون من أنواع الأمراض والأوبئة ومنها الحمى وغيرها فلما دخلوا المدينة ، ورآهم النبي صلى الله عليه وسلم رقَّ لحالهم وأمرهم بأن يخرجوا إلى خارج المدينة ، وأن يذهبوا إلى الإبل الخاصة بالصدقة والتي ترعى في الصحراء والمراعي الطبيعية ، حيث نقاء الجو وصفائه ، وبعده من الأمراض والأوبئة ، وأمرهم بأن يشربوا من ألبان إبل الصدقة وأبوالها ، لأنهم من المسلمين ، فلما شربوا منها شفاهم الله تعالى ، وعادت لهم صحتهم وحيويتهم ونشاطهم السابق ، فقاموا بمقابلة هذا الإحسان والمعروف بالنكران والخيانة ، فكفروا وقتلوا الرعاة لإبل الصدقة وسملوا أعينهم ، وسرقوا الإبل وفرُّوا بها ، فأرسل خلفهم النبي صلى الله عليه وسلم من يقبض عليهم فذهب الصحابة إليهم وقبضوا عليهم وجاوؤا بهم وقت الظهر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقتلوا بطريقة تكون فيها عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه أن يعتدي على حرمات المسلمين وأعراضهم وأموالهم ودمائهم ، فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وتكحيل أعينهم بحديد محمي على النار فعموا بها حتى ماتوا .
رابعاً : وفي الحديث دلالة صريحة وواضحة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى حالهم السيء وما أصابهم من المرض والجهد بسبب الحمى والبلاء ، أمرهم أن يخرجوا إلى خارج المدينة ويذهبوا إلى إبل الصدقة ( وهي الجمال التي ترعى في المراعي الطبيعية وتعود ملكيتها لبيت مال المسلمين ) وأمرهم بان يشربوا من ألبانها وأبوالها ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم واجب تنفيذه وطاعته لقوله تعالى ( وإن تطيعوه تهتدوا ) وقوله ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلَّ ضلالاً مبيناً ) وقوله تعالى ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) وقوله تعالى ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) وقوله تعالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ) ولقوله صلى الله عليه وسلم ( إذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم )
وهذا الأمر في الحديث كان لأجل علاجهم من أمراضهم التي أصابتهم ، وهذا من إعجاز الطب النبوي الشريف ، والأمر مجرَّب محسوس ، وكون بعض النفوس الآن لا تشتهي ولا تستسيغ أبوال الإبل فهذا أمر راجع إلى المريض نفسه فإن شاء أن يتعالج به وإن شاء تركه ، وهو من باب الأخذ بالأسباب ، ولكن مع هذا فإنه يجب عليه أن يؤمن بأن هذا الأمر فيه فائدته ونفع عظيم للمريض ، لئلا يشك ويرد أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيقع في المحظور العظيم المذكور سابقاً .
وأكبر دليل على صدق هذا الأمر هو ما أشار إلى الصحابي بقوله ( فشفوا ) أي : أن هؤلاء المرضى قد شفاهم الله تعالى بسبب شربهم لألبان الإبل وأبوالها ، وصاروا يتمتعون بصحة وعافية ، وقد عادت عافيتهم إليهم .
لكنهم بعد هذا المعروف الذي أسدِيَ إليهم نكروه وقاموا بأخذ الإبل وقتلوا الراعي ، وكما قال أبو قلابة ( إنهم كفروا بعد إسلامهم ) فلما أرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم من يقبض عليهم وتمكَّن الصحابة من القبض عليهم قبل فرارهم ، أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بمعاملتهم معاملة المحاربين لله ورسوله وهي الواردة في قوله تعالى في سورة المائدة ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم )
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف ( أي عكس بعضها فتقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ) ثم نكاية بهم وتعزيزاً لهم وردعاً لغيرهم ممن يتربص بالمؤمنين الشر وليكونوا عبرة لغيرهم من المنافقين والأعراب المشركون الطامعون في خيرات المدينة أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم بأن يحمى الحديد على النار وتسمَّل ( أي تكحَّل ) أعينهم بها فعموا ، فلما طلبوا الماء لم يعطوا حتى ماتوا ، وهذه عقوبة تعزيرية لهم يعود للإمام الحق في الاجتهاد في الحكم بها لما يراه من المصلحة في ذلك ، وإلا فإن حكم المرتد هو القتل بكل حال لقوله صلى الله عليه وسلم ( من بدل دينه فاقتلوه ) إضافة إلى أن هؤلاء قد قتلوا راعي إبل الصدقة بغير حق وظلماً وعدواناً ( وهو من المسلمين ) .
وليست هذه بشاعة أو أمراً غريباً لأنه أمر الله تعالى الحكيم في تشريعه ، العليم بما ينفع عباده ويصلحهم ، الرحيم بهم وبحالهم ، ورسوله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى .
والله تعالى أعلم وأحكم ..
- التصنيف: