حكم العمل في فرقة موسيقية
منذ 2008-05-28
السؤال: أعمل في فرقة موسيقية، وليس لي مصدر رزقٍ آخر، وتعليمي في هذا المجال
وأجد -أحياناً- تجاوزات كثيرة؛ فالفرقة عموماً عملها مُحْتَرَم، لكن
نذهب إلى بعض الحفلات أحياناً، وفيها راقصات، فهل يكفي غض البصر أم
ماذا أفعل؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه،
أما بعد:
فجزاك الله خيراً لحرصك على مراعاة ضوابط الشرع، ونسأله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير، وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، في كل أمور الدنيا والآخرة، واعلم -أخي الكريم- أن المسلم الحق هو الذي يحرص على طاعة الله، والعمل على ما يرضيه، مهما كانت التضحية أو المعاناة، وكثيراً ما يقع الابتلاء للمرء في عمله أو مهنته التي يتكسب منها، حيث يفاجأ بأن عمله مَشبوه أو مُحَرَّم، فالمسلم الملتزم الذي يحرص على مرضاة الله لا يستثقل أن يترك العمل إذا كان يتعارض مع أمر الله، ويرضى بما قدَّرَهُ الله عليه، ويكون حاله التسليم، فيوفق بعد ذلك ويبارك الله له في عمره، ويرزقه من حيث لا يحتسب؛ لأنه اتقى الله؛ والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3]، فإن مريد الآخرة لابد أن يصبر عن متاع الحياة الدنيا، ويحرص على ألا يبيع دينه بدنياه.
أما من يصرُّ على عمله مهما كان مُحَرَّماً أو مشبوهاً، فإنه -بلا شك- لم ينجح في الاختبار والابتلاء، ولم يقابل أمر الله بالتسليم، وقد عرَّض نفسه لغضب الله ومقته، وقال تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [التوبة: 38].وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7-8] فمن رضي بفِسْقه وفِسْق غيره، ومعاصيه ومعاصي غيره؛ فليس متَّبعاً لرضا الله، وليس مؤمناً بالله حقّاً؛ بل هو مُسْخِطٌ لربِّه، وطريق الله التي أمر بها إنما هي طاعته سبحانه وعدم معصيته.
كما أنه يحرم الإستماع إلى المعازف والموسيقى، كما أنه لا يجوز العمل في العزف على هذه الآلات، والمال الذي يأتي من وراء هذا العمل كسبٌ مُحَرَّم شرعاً؛ لأن مهنة الغناء أو العزف على الموسيقى مهنة غير محترمةٍ شرعاً، وكثير من الفقهاء قد رد شهادة المغني والمغنية رجلاً أو امرأة، واعتبر ذلك فسقاً ترد به الشهادة.
قال الإمام ابن قدامة في (المغني): "وعلى كل حال من اتخذ الغناء صناعةً يُؤتى له، ويأتي له، أو اتخذ غلاماً أو جارية مغنيين يجمع عليهما الناس؛ فلا شهادة له؛ لأن هذا -عند مَن لم يحرمه- سفه ودناءة، وسقوط مروءة، ومن حرَّمَهُ فهو مع سفهه عاصٍ مُصِرٌّ مُتَظَاهِر بفسوقه، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي".
كما اعتبر الفقهاء آلات اللهو والطَّرب آلة للمعصية، وقالوا بأن من سَرَقَهَا لا تُقْطَع يَدُهُ، ومن كسرها لا ضمان عليه؛ لأنها آلات غير مُحْتَرَمَة شرعاً، ومِنَ الفقهاء من نص على أن من اشترى جارية ثم تَبَيَّن لَهُ أنها مُغَنِّيَة، أنها تُرَدُّ بالعيب على البائع.
هذا؛ إضافة إلى ما يجلبه هذا العمل من الوقوع في مُحَرَّمَاتٍ أُخْرَى، كالاختلاط بالنساء، والنظر إليهن، والتعاون على الإثم والعدوان، وإقرار المنكر بالحضور بين تلك الفرق الموسيقية، وترك إنكار المنكر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم).
فمن المقرَّر أنه لا يجوز أن يجلس المسلم في مكان مُشْتَمِل على منكر وكشف عورات بالرقص الماجن، وإثارة الشهوات، وإشاعة الفاحشة بين المسلمين، وإلهائِهم عن الواجبات الشرعيَّة ... إلى غير ذلك من الأسباب التي تجلب الشقاء.
فاحذر -رحمك الله- أن تُعَرِّض نفسَكَ لسَخَط الله ومكره؛ فإن من اتَّبع ما أسخط الله من المعاصي برضاه وعمله بها، فقد أسخط الله؛ قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28].
وقال صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم) عن أم سلمة، يعني: أن الإثم والعقوبة والهَلَكَة على من رضي، ومما سبق يتبين أن غض البصر وحده عن الغواني لا يكفي؛ لاشتمال العمل نفسه على عدة مُحَرَّمات؛ فلا يجوز العمل به، ومكسبه خبيثٌ، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]. ولا شكَّ أن العازف أشدُّ إثماً ممن يستَمِع إليه فحسب، ولو لم يتخذه مهنةً ومَكْسَباً؛ لأنه ممن يُلهي الناس ويُضلُّهم، ويبعدهم عن طاعة ربهم.
ولذلك؛ فإننا ننصح السائل الكريم بالبحث عن عملٍ آخر، ونسأل الله أن ييسر له ذلك، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ".
وروى (الإمام أحمد) وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، فعليك -أخي الكريم- بالالتجاء إلى الله وكثرة دعائه أن يوفقك للخير ويصرف عنك الشر ويرزقك العمل الصالح والرزق الحلال، وابحث عن عملٍ مناسب لك؛ فقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:2-3]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، و(روى ابن ماجه) في سننه من حديث جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " "، فما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيه لا محالة، والله نسأل أن يوفقك لكل خير ويسدد خُطاك للحق والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة
فجزاك الله خيراً لحرصك على مراعاة ضوابط الشرع، ونسأله تعالى أن يزيدك حرصاً على الخير، وأن يوفقك إلى ما يحبه ويرضاه، في كل أمور الدنيا والآخرة، واعلم -أخي الكريم- أن المسلم الحق هو الذي يحرص على طاعة الله، والعمل على ما يرضيه، مهما كانت التضحية أو المعاناة، وكثيراً ما يقع الابتلاء للمرء في عمله أو مهنته التي يتكسب منها، حيث يفاجأ بأن عمله مَشبوه أو مُحَرَّم، فالمسلم الملتزم الذي يحرص على مرضاة الله لا يستثقل أن يترك العمل إذا كان يتعارض مع أمر الله، ويرضى بما قدَّرَهُ الله عليه، ويكون حاله التسليم، فيوفق بعد ذلك ويبارك الله له في عمره، ويرزقه من حيث لا يحتسب؛ لأنه اتقى الله؛ والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2-3]، فإن مريد الآخرة لابد أن يصبر عن متاع الحياة الدنيا، ويحرص على ألا يبيع دينه بدنياه.
أما من يصرُّ على عمله مهما كان مُحَرَّماً أو مشبوهاً، فإنه -بلا شك- لم ينجح في الاختبار والابتلاء، ولم يقابل أمر الله بالتسليم، وقد عرَّض نفسه لغضب الله ومقته، وقال تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ} [التوبة: 38].وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس: 7-8] فمن رضي بفِسْقه وفِسْق غيره، ومعاصيه ومعاصي غيره؛ فليس متَّبعاً لرضا الله، وليس مؤمناً بالله حقّاً؛ بل هو مُسْخِطٌ لربِّه، وطريق الله التي أمر بها إنما هي طاعته سبحانه وعدم معصيته.
كما أنه يحرم الإستماع إلى المعازف والموسيقى، كما أنه لا يجوز العمل في العزف على هذه الآلات، والمال الذي يأتي من وراء هذا العمل كسبٌ مُحَرَّم شرعاً؛ لأن مهنة الغناء أو العزف على الموسيقى مهنة غير محترمةٍ شرعاً، وكثير من الفقهاء قد رد شهادة المغني والمغنية رجلاً أو امرأة، واعتبر ذلك فسقاً ترد به الشهادة.
قال الإمام ابن قدامة في (المغني): "وعلى كل حال من اتخذ الغناء صناعةً يُؤتى له، ويأتي له، أو اتخذ غلاماً أو جارية مغنيين يجمع عليهما الناس؛ فلا شهادة له؛ لأن هذا -عند مَن لم يحرمه- سفه ودناءة، وسقوط مروءة، ومن حرَّمَهُ فهو مع سفهه عاصٍ مُصِرٌّ مُتَظَاهِر بفسوقه، وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي".
كما اعتبر الفقهاء آلات اللهو والطَّرب آلة للمعصية، وقالوا بأن من سَرَقَهَا لا تُقْطَع يَدُهُ، ومن كسرها لا ضمان عليه؛ لأنها آلات غير مُحْتَرَمَة شرعاً، ومِنَ الفقهاء من نص على أن من اشترى جارية ثم تَبَيَّن لَهُ أنها مُغَنِّيَة، أنها تُرَدُّ بالعيب على البائع.
هذا؛ إضافة إلى ما يجلبه هذا العمل من الوقوع في مُحَرَّمَاتٍ أُخْرَى، كالاختلاط بالنساء، والنظر إليهن، والتعاون على الإثم والعدوان، وإقرار المنكر بالحضور بين تلك الفرق الموسيقية، وترك إنكار المنكر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم).
فمن المقرَّر أنه لا يجوز أن يجلس المسلم في مكان مُشْتَمِل على منكر وكشف عورات بالرقص الماجن، وإثارة الشهوات، وإشاعة الفاحشة بين المسلمين، وإلهائِهم عن الواجبات الشرعيَّة ... إلى غير ذلك من الأسباب التي تجلب الشقاء.
فاحذر -رحمك الله- أن تُعَرِّض نفسَكَ لسَخَط الله ومكره؛ فإن من اتَّبع ما أسخط الله من المعاصي برضاه وعمله بها، فقد أسخط الله؛ قال تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 28].
وقال صلى الله عليه وسلم: " " (رواه مسلم) عن أم سلمة، يعني: أن الإثم والعقوبة والهَلَكَة على من رضي، ومما سبق يتبين أن غض البصر وحده عن الغواني لا يكفي؛ لاشتمال العمل نفسه على عدة مُحَرَّمات؛ فلا يجوز العمل به، ومكسبه خبيثٌ، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان: 6]. ولا شكَّ أن العازف أشدُّ إثماً ممن يستَمِع إليه فحسب، ولو لم يتخذه مهنةً ومَكْسَباً؛ لأنه ممن يُلهي الناس ويُضلُّهم، ويبعدهم عن طاعة ربهم.
ولذلك؛ فإننا ننصح السائل الكريم بالبحث عن عملٍ آخر، ونسأل الله أن ييسر له ذلك، ففي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ".
وروى (الإمام أحمد) وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " "، فعليك -أخي الكريم- بالالتجاء إلى الله وكثرة دعائه أن يوفقك للخير ويصرف عنك الشر ويرزقك العمل الصالح والرزق الحلال، وابحث عن عملٍ مناسب لك؛ فقد قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق:2-3]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، و(روى ابن ماجه) في سننه من حديث جَابِرِ بن عبد اللَّهِ قال قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " "، فما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيه لا محالة، والله نسأل أن يوفقك لكل خير ويسدد خُطاك للحق والله أعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الألوكة
- التصنيف: