ما هي كيفية التيمم؟ وهل يمكن لأحد أن يصلي به فرضين معاً؟

منذ 2008-10-25
السؤال: ما هي كيفية التيمم؟ وهل يمكن لأحد أن يصلي به فرضين معاً؟
الإجابة: إن الله تعالى أنزل التيمم مرتين، فأنزله في سورة النساء وأنزله في سورة المائدة، فقال في سورة النساء: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفواً غفوراً}، وقال في سورة المائدة: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين، وإن كنتم جنباً فاطهروا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}.

وسبب نزوله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يسافر في غزو أو غيره أقرع بين نسائه، فأية امرأة خرجت القرعة لها خرج بها، فخرجت القرعة في سفرٍ لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فسافر بها في غزوة المريسيع، فلما نزلوا بالبيداء أو بذات الجيش -وهي أرض قريبة من المدينة، بينها وبين المدينة حوالي 12 كيلو على جهة الجنوب-، والبيداء الأرض المستوية، وذات الجيش جبل حول البيداء، نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الظهيرة، ففقدت عائشة عقداً لها، وفي رواية أنه لأسماء أعارته عائشة، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على طلبه، فجاء الناس إلى أبي بكر فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر إلى عائشة ووجد النبي صلى الله عليه وسلم نائماً قد توسد فخذها، فجعل يطعنها في خاصرتها، ويقول: أقمت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء، قالت: فما يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم من فخذي، فلما انتهى أبو بكر من لومها استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حان وقت صلاة الظهر، فنزل جبريل بآية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركاتكم علينا يا آل أبي بكر، فكان تخفيفاً من الله سبحانه وتعالى وتكريماً لعائشة أم المؤمنين ولآل بيتها آل أبي بكر الصديق، ورخصة باقية في المؤمنين إلى يوم القيامة، واختلف في قولها رضي الله عنها: فنزلت آية التيمم فتيمموا، هل المعنى، أن الصحابة تيمموا، أي فنزلت آية التيمم انتهى الكلام، فتيمموا أي تيمم الناس، أو أن فتيمموا بدل من آية التيمم، معناه: فنزلت آية التيمم التي هي قول الله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}.

وأهل العلم أيضاً اختلفوا في أي الآيتين نزلت على هذا السبب هل آية النساء أو آية المائدة، وآية المائدة جاءت مع الوضوء مما يدل على ارتباط حكم التيمم بحكم الوضوء، وما ذكره الله في الآيتين هو أن يتيمم الإنسان أي أن يقصد صعيداً، والصعيد هو ما صعد على الأرض من أجزائها، طيباً، واختلف في معنى الطيب فقيل: معناه الطاهر، لأن الله سبحانه وتعالى ذكر الطيب في عدد من المواضع بمعنى الطاهر، فقال: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات} ونحو ذلك، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة، وقال الشافعي وأحمد: الطيب معناه المنبت، لأن الله تعالى يقول: {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا}.

وقد أجاب المالكية والأحناف عن هذه الآية التي ظاهرها الصراحة، وهذا مما ينبه له طلبة العلم ليزول عنهم التعصب، كثير من الطلبة إذا سمعوا دليلاً واضحاً أخذوا به ورأوا أن ما سواه مرجوح وأرادوا القضاء عليه بالكلية، فإذا سمعوا والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، قالوا: الصعيد الطيب معناه المنبت بصريح القرآن، لكن الجواب عن هذا أن قوله: يخرج نباته بإذن ربه نعت لا خبر، وإذا كانت كذلك فهذا من خصائص البلد الطيب أنه يخرج نباته بإذن ربه، والدليل على ذلك أنه قال: والذي خبث فالمكان الخبيث ليس معناه الذي لا ينبت مطلقاً، بل قال: والذي خبث لا يخرج إلا نكداً. معناه لا يخرج نباته إلا كذلك، وهذا يقتضي أن الطيبوبة والخبث في أصل الرقعة والبقعة، فهما أصليان، والوصف الزائد على ذلك هو الإنبات أو إخراج النبات نكداً، وهما وصفان زائدان على الوصف الأصلي الذي هو الطيب أو الخبث، فيبقى الطيب والخبث مبهمين لا تفسير لهما في الآية، وتفسيرهما حينئذ بالرجوع إلى النصوص الأخرى، وقد وجدنا في النصوص الطيب بمعنى الطاهر والطيب بمعنى المباح، ويمكن أن يحمل على كل ذلك.

وعموماً فمذهب الجمهور أنه لا يتيمم على النبات مطلقاً، خلافاً لأبي حنيفة، لأن أبا حنيفة يرى أن النبات هو من أجزاء الأرض، والجمهور يستدلون بحديث: "وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"، وفي رواية: "وتربتها طهوراً"، وهذا يدل على أن الذي يتيمم به هو التربة لا النبات، فالنبات ليس داخلاً في الأرض المأمور بقصدها هنا بالصعيد منها.

وكذلك لا يتيمم على ما ليس خارجاً من الأرض أو ما خرج منها فدخلته صنعة، كالإسمنت فهو من التربة من الأرض، لكن دخلته صنعة فلم يعد تراباً فلذلك لا يتيمم به، واختلف في الحجارة الصلدة فهي لا تنبت فهل يتيمم بها أم لا؟ النبات الذي ترونه في الجبال إنما يكون من تشقق بين الحجارة، أما الحجر الصلد فلا يخرج منه النبات، فلذلك اختلف أهل العلم في التيمم على الحجر، فذهب مالك وأبو حنيفة إلى أن الحجر قطعاً من أجزاء الأرض، والحجارة طبقة من طبقات الأرض ولا خلاف في ذلك، وطهارتها كافية في طيبوبتها، فرأوا جواز التيمم به، ومع ذلك فقد جاء في الآية في آية المائدة لا في آية النساء: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}، ومن هنا مختلف في تفسيرها هل هي ابتدائية أو تبعيضية، فعند المالكية والحنفية هي ابتدائية معناه المسح لا يكون إلا بعد ضرب اليدين معناه بعد وضعهما على الأرض، فالابتداء هو بوضع اليدين على الأرض ثم المسح بعد ذلك، لأنه لو قال: امسحوا بوجوهكم وأيديكم ولم يقل منه، لكان ممكناً أن يكون المسح أولاً قبل وضعهما على الصعيد، وعند الحنابلة والشافعية أن من هنا للتبعيض معناه امسحوا بوجوهكم وأيديكم بعضه معناه غباره أو ما لصق باليدين منه، فما لا غبار له ولا يلتصق باليدين منه شيء لا يتيمم به عند الشافعية والحنابلة.

واستدل الشافعية والحنابلة بما ثبت "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائماً، فسلم عليه رجل فأخذ عصاه فحك بها الجدار حتى ثار غباره، فوضع يديه عليه فمسح بهما وجهه وكفيه فرد عليه السلام"، فقالوا: لو كانت "من" ابتدائية لما احتاج إلى حك الجدار حتى يثور غباره، فدل ذلك على أن الغبار مقصود، واستدل المالكية والحنفية بأنه لا يطلب نقل شيء من الصعيد إلى الوجه والكفين، لما ثبت في حديث أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يتيمم: "فنفض يديه بعد وضعهما على التراب"، والنفض مقتض لتساقط ما فيهما، فلو كان مطلوباً بقاء شيء فيهما لما نفض يديه، وهذا النفض هو نفض خفيف بضرب ظاهر الإبهام على ظاهر الإبهام من اليد الأخرى نفضاً خفيفاً، وأيضاً استدل الحنفية والمالكية بأنه لو كان فيهما غبار فمسح بالوجه لن يبقى شيء لليدين في المسحة الثانية، وقد أمرنا بمسح اليدين والوجه معاً في التيمم، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، وإذا مسحت بهما وجهك وبالأخص إذا كان فيه عرق أو بلل فسيذهب بالغبار وتبقى اليد خالية منه، وحينئذ تمسح بها اليدين من غير غبار، وعموماً أنا أردت ذكر هذه المسائل ليزول التعصب عن طلبة العلم وليعلموا أن للأئمة المجتهدين أوجها في الاستنباط قد تخفى على كثير من الطلبة والمبتدئين، فلذلك عليهم أن يعذروهم جميعاً، وأن يلتمسوا لهم العذر في كل مسألة من هذه المسائل.

وهنا صورة التيمم الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم هي ما علمه عمار بن ياسر، فعمار رضي الله عنه خرج مع عمر بن الخطاب في سفر فأصابتهما جنابة، ولم يجدا ماء فتمعك عمار في الأرض، جعلها بمثابة الماء فتمعك فيها، لأنه عرف أن التيمم ينوب عن الوضوء وهو مسح للوجه واليدين، فقاس التمعك في الأرض على الغسل بالماء، وأما عمر فلم يفعل حتى وجد الماء فاغتسل وصلى، فلما أتيا رسول الله صلى الله عليه سألاه، فقال لعمار: "كان يكفيك هكذا" ووضع يديه على الأرض ومسح بهما وجهه وكفيه إلى كوعيه، فهذا القدر هو الذي يكفيك، معناه هذا أقل ما يجب، هذا الواجب، أما ما زاد على ذلك فهو من السنن، كأن تضرب الأرض مرتين، ولذلك جاء في الحديث الذي أخرجه الطبراني وغيره: "التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للكفين"، وفي رواية: "ضربة لليدين"، وهنا القدر الممسوح أيضاً من اليد محل خلاف، لأن الله قال: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}، أما الوجه فهو معروف، وهو ما يواجهك إذا لقيت الإنسان، فلا يدخل فيه ما وراء الأذنين ولا ما نبت عليه الشعر، ولا تدخل فيه الرقبة، فإذا يمسح الإنسان ظاهر الوجه فقط، ولا يدخل فيه قطعاً داخل الأنف وداخل الفم وداخل العين، فهذه لا تمسح في التيمم قطعاً، لكن اليدان جاء إطلاقهما: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم}، واليد في اللغة تطلق على ما كان أسفل من المنكب، من المنكب إلى نهاية اليد، وتطلق على المرفق وما دونه، وتطلق على الكوع وما دونه، فإذا تطلق في اللغة على ثلاثة أمور، فالاحتياط هو أبعدها إلى المنكب، والوسط إلى المرفق وأقل ذلك إلى الكوع، فمن أراد الاقتصار على الواجب وأقل ما تطلق عليه اليد مسح إلى الكوعين، ومن أراد التوسط وصل إلى المرفقين، والزائد على ذلك هو من الغلو الذي لم يطلب قطعاً، وأيضاً فإن الله أمر بغسل اليدين في الوضوء فقال: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}، وحدد نهاية الغسل بالمرفقين ثم ذكر اليدين بعد ذلك، ومن عادته في القرآن أن يأتي بالأسلوب الرصين المختصر، فالكلام المكرر لا يأتي في القرآن إلا لنكتة وحكمة، فلذلك قال في الوضوء: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}، وقال في التيمم: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}، ولم يذكر لنا إلى المرافق، فيمكن أن يكون ذلك اعتماداً على ما سبق، وقد حدد فيما سبق أن الغسل إلى المرفقين، وعموماً فالأمر محتمل للدلالة في القرآن ومحتمل للدلالة في السنة، فلذلك من اقتصر على كوعيه فقد أتى بالواجب، ومن زاد إلى المرفقين لم يبتدع بل أتى بالسنة، وما زاد على ذلك فهو تنطع وغلو ولم يقل به أحد من أهل العلم.

وصورة المسح مسحة واحدة خفيفة لا تتبع فيها الغضون ولا أسارير الجبهة، ولا غضون الأنف، ولا غضون العينين، فذلك غير مطلوب، التيمم مسحة واحدة يمسح بها الإنسان ثم يمسح يديه ويخلل أصابعه، ويكفيه هذا، وهو مبني على التخفيف، فالمسح كله مبني على التخفيف.

.. أما السؤال فيما يتعلق بالجمع بين الفريضتين بالتيمم، فآية المائدة تدل على أن كل قائم للصلاة يشرع له الوضوء أو التيمم، لأن الله قال: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم}، فذكر الوضوء ثم ذكر التيمم عند العجز عنه، وهذا يقتضي أنه لا يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد ولا بتيمم واحد، هذا هو الأصل، لكن في يوم الفتح جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر رضي الله عنه: إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله!! فقال: "إني عمداً فعلت ذلك يا عمر"، فدل ذلك صريحاً على جواز جمع الفرائض بالوضوء الواحد ما لم ينقض، وبقي التيمم على الأصل في الآية، على أنه لا يجمع به، وقد قالت طائفة من أهل العلم يقاس التيمم على الوضوء، فيجمع به بين الفرائض ما لم ينتقض أيضاً كالوضوء.

وقد افتتح ابن الجارود كتابه في (أدلة الأحكام) وهو من أهم الكتب التي ينبغي لطلبة العلم أن يقرؤوها، فهو كتاب فيه ألف وخمسمائة حديث من أدلة الأحكام، مسندة بأسانيده هو، وهو من طبقة أصحاب السنن، افتتح كتابه فقال: «باب ما جاء في قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة}» الدليل على أن هذا ليس على كل قائم للصلاة ما حدثناه عبد الله بن هاشم وساق حديث عمر السابق.

فهذا يدل على أن هذا ليس على كل قائم للصلاة، فمعناه: إذا قمتم إلى الصلاة، وكنتم على غير طهارة.

وعموماً التيمم اختلف فيه أهل العلم هل هو رخصة أو عزيمة، فذهب كثير من أهل العلم إلى أن التيمم عزيمة وأنه غير رخصة، والعزيمة يمكن أن يدخلها القياس، فالعزيمة من محل القياس شرعاً، وإذا كان عزيمة أمكن أن يقاس على الوضوء وعلى الغسل، فإذا تيمم الإنسان في بيته وذهب إلى المسجد وهو جنب دخل المسجد وصلى ما شاء من النوافل وانتظر الصلاة وصلى الفريضة وصلى بعدها ما شاء من النوافل، وله أن ينتظر الصلاة الأخرى حتى يدخل وقتها فإذا دخل وقتها تيمم لها وصلى قبلها من النوافل ما شاء وصلاها هي وهكذا، وإذا كان التيمم رخصة فالرخص مقصورة على محلها ولا يدخلها القياس، ولذلك ترون أن كثيراً من الفقهاء يقولون: لا يدخل القياس الرخص ولا الكفارات ولا المقدرات، فكل ما هو مقدر بعدد فالكفارات والحدود والرخص هذه لا يدخلها القياس خارجة عن محل القياس أصلاً.

وتجدون القواعديين أيضاً، أهل القواعد الفقهية، يقولون: ما عدل به عن سنن القياس، معناه ما ليس جارياً على القياس، فيعدون منه هذه الأمور الرخص والمقدرات والكفارات والحدود فكل هذه خارجة عن سنن القياس، فالمقدرات كالصلوات، فنحن الآن يجب علينا إذا غربت الشمس أن نصلي ثلاث ركعات المغرب وإذا غاب شفقها أن نصلي أربع ركعات في الحضر وركعتين في السفر، وإذا طلع فجرها وهي تحت الأفق بثماني عشرة درجة أن نصلي ركعتي الصبح، وإذا زالت الشمس عن كبد السماء وجب علينا أن نصلي أربعاً في الحضر وركعتين في السفر، وإذا دلكت فنزلت عن مستوى ثماني عشرة درجة في الأفق الغربي وجب علينا أن نصلي أربع ركعات العصر في الحضر وركعتين في السفر، وهذا ما لا يمكن أن يدرك العقل وجها له، لماذا طلوع الشمس لا تجب له صلاة وغروبها تجب له صلاة؟ لماذا تجب ثلاث ركعات للغروب وأربع لغروب الشفق؟ هذه أمور لا يدركها العقل، فهذه مقدرات لا يدخلها القياس، ومثل ذلك الرخص، فإذا كان التيمم رخصة فإنه خارج عن سنن القياس فلذلك لا يقاس على الوضوء.

ولهذا يبقى على أصل آية المائدة فلا يجمع به بين فرضين، وعموماً الأمر محتمل كما رأيتم، والأدلة قابلة لذلك والأمر فيه سهولة، فمن كان يجد سعة فعليه أن يخرج من الخلاف احتياطاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الاحتياط فقال في حديث عمران بن الحصين: "وليبن على ما استيقن"، وكذلك قال: في حديث النعمان بن بشير: "وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه"، وقد ذكرت لكم أن أهل العلم اختلفوا في الشبهات على خمسة أقوال:
- القول الأول: أنها ما تعارضت فيه الأدلة.
- والقول الثاني: أنها ما اختلف فيه الأهل العلم من المسائل.
- والقول الثالث: أنها ما اختلط فيه الحلال والحرام.
- والقول الرابع: أنها المكروهات.
- والقول الخامس أنها المسكوت عنه الذي لم يرد فيه نص أصلاً، هذه خمسة أقوال في الشبهات تذكروها، واعلموا أن الخروج من الخلاف دائماً فيه احتياط للدين، أن تفعل أمراً لا يقول أحد ببطلان الصلاة معه هذا احتياط للدين.

بالنسبة للتيمم لابد أن يكون على موضع اليدين قدر الضرب ضرب اليدين، وإذا عجز الإنسان عن ذلك فوجد حجراً يكفي جانبه ليد ووجهه الآخر لليد الأخرى فلا حرج، لكن الحجر الذي لا يكفي لوضع اليد لا يجوز التيمم عليه ولا يجزئ، إذا قلنا بالتيمم على الحجر.

وهنا مسألة واحدة تتعلق بالتيمم على الحجارة، هي الحجر إذا نقل فاستعمل، كالرحى، فإنه عند كثير من أهل العلم لا يجوز التيمم عليه لأنه بمثابة ما نقل عن أصل خلقته كالإسمنت وغيره، وكذلك الحجارة المنقوشة للبناء الحجارة التي يزخرف بها البنيان عند طائفة من أهل العلم لا يتيمم عليها لأنها نقلت فأصبحت منقوشة بالزخرفة، فدخلتها صنعة، ولكن الراجح بقاء ما كان على ما كان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم على جدار مبني، والرحى إذا انكسرت لم تعد صالحة للعمل فيجوز التيمم عليها لأنها رجعت إلى حجريتها، ولم تعد إلى آنيتها، كانت من الأواني قبل كسرها، فلما انكسرت رجعت حجراً، وهذا يدل على أنها يجوز التيمم بها في حال استعمالها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.

محمد الحسن الددو الشنقيطي

أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.

  • 86
  • 28
  • 729,018

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً