حكم الاكتتاب في شركة المراعي
منذ 2011-01-04
السؤال: ما حكم الاكتتاب في شركة المراعي؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فمن خلال دراسة نشرة الإصدار الخاصة بشركة المراعي وقوائمها المالية المعلنة في موقعها على الانترنت تبين أن نشاط الشركة قائم على إنتاج المواد الغذائية من الألبان وغيرها، وأن على الشركة قروضاً بنكية تبلغ 535 مليون ريال في عام 2004م، وهي تعادل 22.3% من مطلوبات الشركة البالغة 2400 مليون ريال.
وهذا يعني أن الشركة من الشركات المختلطة، وهي الشركات التي أصل نشاطها مباح، ولكنها تقترض أو تودع بالربا، وقد اختلف فيها العلماء المعاصرون على قولين:
- القول الأول: تحريم المساهمة فيها مطلقاً، وممن اختار هذا القول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، واللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة في بعض فتاويها السابقة.
- والقول الثاني: جواز المساهمة فيها بشرط أن يتخلص المساهم من الأرباح المحرمة التي تأتيه من الشركة، وممن اختار هذا القول فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله، وهيئة المعايير المحاسبية الشرعية، ومعظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية.
والاختلاف في هذه المسألة من الخلاف المقبول، إذ إن المسألة اجتهادية، للمجتهد المصيب فيها أجران، وللمجتهد المخطئ أجر واحد بإذن الله.
والأقرب -والله أعلم- أنه إذا كان النشاط الأساس للشركة مباحاً وكانت معاملاتها المحرمة يسيرة عرفاً فلا حرج على المساهم من الدخول فيها، لاسيما إذا قصد تخليصها من تلك المعاملات المحرمة، والإثم على من باشر العقد المحرم أو أذن أو رضي به؛ لأن الشركة بشخصيتها الاعتبارية مستقلة عن المساهمين، وتصرفاتها المحرمة لا تعد تصرفاً للمساهمين.
يؤيد ذلك أن الأسهم صكوك مالية قابلة للتداول، وتداولها منفصل عن نشاط الشركة، فلا ترتبط قيمة الأسهم بنشاط الشركة بل بالعرض والطلب، كما أن ارتفاع قيمة الأسهم أو انخفاضها لا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ إيجاباً أو سلباً على نشاط الشركة؛ لأن ما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا تأخذ منه الشركة ريالاً واحداً، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، وكذلك المساهم البائع لا يأخذ ثمن أسهمه من الشركة بل من المساهم المشتري، ولا يختلف الأمر في الأسهم المطروحة للاكتتاب في هذه الشركة -شركة المراعي- حيث نصت المادة الثامنة عشرة من نشرة الاكتتاب على أنه: "سيتم توزيع جميع الأموال المتحصلة من الاكتتاب على المساهمين البائعين فقط ولن تستلم الشركة منها أي شيء".
وبالنظر في نسبة المعاملات المحرمة في شركة المراعي إلى إجمالي نشاطها فإنها تعد يسيرة؛ لأن الجزء الذي يحرم على الشركة دفعه من القروض التي عليها هو الفوائد المستحقة على تلك القروض، أي الربا، أما أصل القرض فإنه يجب على الشركة دفعه، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا باع ألفاً بألف ومائتين فالزيادة هي المحرمة فقط".
ومجموع الفوائد التي دفعتها الشركة في عام 2004 على جميع القروض والتسهيلات البنكية لا تتجاوز 2% من مجموع مصروفاتها البالغة ملياراً وخمسمائة مليون ريال.
وخلاصة القول هي جواز المساهمة في هذه الشركة، ومع ذلك فالذي أنصح به إخواني المستثمرين في الأسهم هو ترك المساهمة في الشركات المختلطة عموماً -مع قولنا بجوازها-، والاقتصار على الشركات النقية؛ لأمرين:
- الأول: أن هذا هو الأحوط والأسلم، إذ إن الخلاف في هذه المسألة قائم، والأقوال متقاربة في القوة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
- والثاني: أن في ذلك دعماً للشركات النقية، وتشجيعاً للشركات الأخرى على تطهير معاملاتها من الحرام، فيرجى لمن كانت هذه نيته أن يثاب على ذلك؛ فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وجواز الاكتتاب في الشركة لا يعني أن الربا الذي فيها أصبح مباحاً، فالربا محرم قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، أما المساهم فإنه إذا أخذ شيئاً من الأرباح التي توزعها الشركة فعليه أن يتخلص من الأرباح الموزعة بقدر نسبة الإيرادات المحرمة منها، وذلك بصرفها في المشاريع الخيرية، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها، والله أعلم.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
فمن خلال دراسة نشرة الإصدار الخاصة بشركة المراعي وقوائمها المالية المعلنة في موقعها على الانترنت تبين أن نشاط الشركة قائم على إنتاج المواد الغذائية من الألبان وغيرها، وأن على الشركة قروضاً بنكية تبلغ 535 مليون ريال في عام 2004م، وهي تعادل 22.3% من مطلوبات الشركة البالغة 2400 مليون ريال.
وهذا يعني أن الشركة من الشركات المختلطة، وهي الشركات التي أصل نشاطها مباح، ولكنها تقترض أو تودع بالربا، وقد اختلف فيها العلماء المعاصرون على قولين:
- القول الأول: تحريم المساهمة فيها مطلقاً، وممن اختار هذا القول سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، واللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة في بعض فتاويها السابقة.
- والقول الثاني: جواز المساهمة فيها بشرط أن يتخلص المساهم من الأرباح المحرمة التي تأتيه من الشركة، وممن اختار هذا القول فضيلة الشيخ محمد العثيمين رحمه الله، وهيئة المعايير المحاسبية الشرعية، ومعظم الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية.
والاختلاف في هذه المسألة من الخلاف المقبول، إذ إن المسألة اجتهادية، للمجتهد المصيب فيها أجران، وللمجتهد المخطئ أجر واحد بإذن الله.
والأقرب -والله أعلم- أنه إذا كان النشاط الأساس للشركة مباحاً وكانت معاملاتها المحرمة يسيرة عرفاً فلا حرج على المساهم من الدخول فيها، لاسيما إذا قصد تخليصها من تلك المعاملات المحرمة، والإثم على من باشر العقد المحرم أو أذن أو رضي به؛ لأن الشركة بشخصيتها الاعتبارية مستقلة عن المساهمين، وتصرفاتها المحرمة لا تعد تصرفاً للمساهمين.
يؤيد ذلك أن الأسهم صكوك مالية قابلة للتداول، وتداولها منفصل عن نشاط الشركة، فلا ترتبط قيمة الأسهم بنشاط الشركة بل بالعرض والطلب، كما أن ارتفاع قيمة الأسهم أو انخفاضها لا يؤثر بشكلٍ مباشرٍ إيجاباً أو سلباً على نشاط الشركة؛ لأن ما يدفعه المساهم لشراء الأسهم بعد طرحها للتداول لا تأخذ منه الشركة ريالاً واحداً، ولا يدعم به نشاط الشركة، بل يذهب جميعه للمساهم البائع، وكذلك المساهم البائع لا يأخذ ثمن أسهمه من الشركة بل من المساهم المشتري، ولا يختلف الأمر في الأسهم المطروحة للاكتتاب في هذه الشركة -شركة المراعي- حيث نصت المادة الثامنة عشرة من نشرة الاكتتاب على أنه: "سيتم توزيع جميع الأموال المتحصلة من الاكتتاب على المساهمين البائعين فقط ولن تستلم الشركة منها أي شيء".
وبالنظر في نسبة المعاملات المحرمة في شركة المراعي إلى إجمالي نشاطها فإنها تعد يسيرة؛ لأن الجزء الذي يحرم على الشركة دفعه من القروض التي عليها هو الفوائد المستحقة على تلك القروض، أي الربا، أما أصل القرض فإنه يجب على الشركة دفعه، وفي هذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إذا باع ألفاً بألف ومائتين فالزيادة هي المحرمة فقط".
ومجموع الفوائد التي دفعتها الشركة في عام 2004 على جميع القروض والتسهيلات البنكية لا تتجاوز 2% من مجموع مصروفاتها البالغة ملياراً وخمسمائة مليون ريال.
وخلاصة القول هي جواز المساهمة في هذه الشركة، ومع ذلك فالذي أنصح به إخواني المستثمرين في الأسهم هو ترك المساهمة في الشركات المختلطة عموماً -مع قولنا بجوازها-، والاقتصار على الشركات النقية؛ لأمرين:
- الأول: أن هذا هو الأحوط والأسلم، إذ إن الخلاف في هذه المسألة قائم، والأقوال متقاربة في القوة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".
- والثاني: أن في ذلك دعماً للشركات النقية، وتشجيعاً للشركات الأخرى على تطهير معاملاتها من الحرام، فيرجى لمن كانت هذه نيته أن يثاب على ذلك؛ فإن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.
وجواز الاكتتاب في الشركة لا يعني أن الربا الذي فيها أصبح مباحاً، فالربا محرم قليله وكثيره، وإنما الإثم على من باشر تلك المعاملة المحرمة أو أذن أو رضي بها، أما المساهم فإنه إذا أخذ شيئاً من الأرباح التي توزعها الشركة فعليه أن يتخلص من الأرباح الموزعة بقدر نسبة الإيرادات المحرمة منها، وذلك بصرفها في المشاريع الخيرية، أما الأرباح الناتجة من بيع الأسهم فلا يلزم التخلص من شيءٍ منها، والله أعلم.
المصدر: موقع الشيخ حفظه الله تعالى.
- التصنيف: