الترضي على غير الصحابة
هل يجوز قول: "رضي الله عنه" في غير الصحابة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن عبارة: "رضي الله عنه" خبر يفيد الدعاء ومعناها: اللهم ارضَ عنه.
وعليه؛ فيجوز الدعاء وطلب الرضى من الله لكل مسلم؛ وإن لم يكن صحابيا؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ* جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} [البينة:7،8].
والذي عليه جمهور الأمة أنها لا تختص بالصحابة، بل يجوز إطلاقها على التابعين ومن بعدهم من أهل العلم والصلاح، في مكاتبتهم ومخاطبتهم، كما يصح أن يُتَرَحَّم على الصحابة وغيرهم دون ذكر الترضِّي، فالمسألة لم يرد فيها نص يأمر بشيء من ذلك، أو ينهى عنه، وإنما هو شيء استحسنه الناس؛ قال النووي في "المجموع": "يُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي والتَّرَحُّم على الصحابة والتابعين فَمَنْ بَعْدَهُم من العلماء والعُبَّادِ وَسَائِرِ الأخيار؛ فيقال: "رضي الله عنه"، أو "رَحْمَةُ الله عليه"، أو رحمه الله ونحو ذلك.
وأما ما قاله بعض العلماء: إن قول "رضي الله عنه" مخصوص بالصحابة، ويُقَال في غيرهم "رحمه الله" فقط - فليس كما قال ولا يُوَافَق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه، ودلائله أكثر من أن تحصر"، وقال نحوه في كتاب "الأذكار".
وقال النفراوي - المالكي - في "الفواكه الدواني": "ما قاله جمع من العلماء أنه يستحب الترضِّي والتَّرَحُّم على الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ولا تختص الترضية بالصحابة والترحم بغيرهم خلافاً لبعضهم".
أما إذا كان قول الشخص: "رضي الله عن فلان" من باب الإخبار وليس من باب الدعاء فلا يجوز إطلاقها إلا على الصحابة؛ لأنهم هم الذين أخبرنا الله أنه –سبحانه- رضي عنهم.
قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} [التوبة:100]، وقال تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:18]،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: