القنوت في النصف الأول من رمضان
ما حكم القنوت في النصف الأول من رمضان؟
الحمد لله،
اختلف العلماء في مشروعية القنوت في الوتر، وسبب ذلك أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في الوتر، فعائشة رضي الله تعالى عنها، التي نقلت لنا أحواله صلى الله عليه وسلم في قيام الليل والوتر لم تذكر عنه صلى الله عليه وسلم في قنوت الوتر شيئاً، وأحسن ما ورد في ذلك حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: "اللهم اهدني في من هديت.." إلى آخر الدعاء المعروف (1)، والقنوت في الوتر محفوظ عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما كما قال ابن القيم رحمه الله (2)، ومما ورد القنوت به الدعاء المشهور: "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد.." إلى آخره (3)، وهذه الآثار صالحة لاعتماد عليها في مشروعية القنوت في الجملة، وليس فيها تقييد بزمان، فلا يخص به رمضان ولا النصف الأخير منه، وقد ذهب إلى التقييد بذلك بعض العلماء لآثار وردت عن بعض السلف، كأبي بن كعب رضي الله عنه(4).
والأظهر عندي هو الإطلاق وعدم التقييد لكن لا يداوم عليه، بل يفعل حيناً ويترك حيناً، وذلك لعدم ثبوته من فعله صلى الله عليه وسلم، ولأنه لم يرد الأمر به، والترغيب فيه، ولم يتفق العلماء على مشروعيته، فلا يسوى بالسنن الثابتة التي كان صلى الله عليه وسلم يداوم عليها، وينبغي الاقتصاد في قنوت الوتر، وذلك باختيار جوامع الدعاء، وبترك التطويل الذي يحصل من بعض الأئمة هداهم الله، فإن منهم من يفرط في التطويل والتفصيل، والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_____________________________
1 - رواه أصحاب السنن؛ أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (1745)، وابن ماجة (1178)، وراه ابن حبان في صحيحه (945)، والحاكم (4800).
2 - زاد المعاد 1/323.
3 - ورد عن جملة من الصحابة في قنوت الوتر والفجر، ومن ذلك ما جاء في مصنف ابن أبي شيبة 2/106 وما بعدها.
4 - سنن أبي داود (1428)، وانظر كلام الترمذي في جامعه على الحديث (464)، وكلام ابن خزيمة في صحيحه (1099) وحديثه (1100).
- التصنيف:
- المصدر: