الفرق بين النياحة والبكاء على الميت
هل يجوز البُكاء على الميت؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالبُكاء على الميِّت جائزٌ إذا لم يُصاحِبْهُ نياحةٌ أو نَدْبٌ أو تَسخُّط على قَدَرِ اللَّه تعالى؛ لِما رواه البُخاري ومسلم عَنْ أُسامةَ بْنِ زَيْدٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسَلَّمَ بكى على ابْنِ إِحْدى بناتِه فقَالَ لهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: ما هذا يا رسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: "هَذِه رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ في قُلُوبِ عِبَادِهِ، وإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ".
وروَى مُسلمٌ عن أبي هُريْرة رضي الله عنه قال: زارَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَبْرَ أُمِّه فبكى وأَبْكى مَن حَوْلَه، فقال: "استأْذَنْتُ ربِّي في أن أسْتَغْفِرَ لَها فلم يُؤْذَنْ لي، واستَأْذَنْتُه في أن أَزُورَ قَبْرَها فأَذِنَ لي، فزُورُوا القُبورَ فإنَّها تُذَكِّرُ الموت".
وقَدْ ثَبَتَ أيْضًا عنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ في أكْثَرَ مِنْ حادثة أنَّه بكى عِنْدَ المَيِّت، منها بكاؤُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِ ابنِه إبراهيمَ؛ كما في الصَّحيحَيْنِ من حديثِ أنَسٍ رضي الله عنه، وبَكَى أيْضًا صَلَّى اللَّهُ عليْهِ وسَلَّمَ عِنْدَ مَوْتِ إحْدَى بناتِه أثناءَ دفْنِها؛ كما عند البُخاريِّ من حديث أنسٍ رضي الله عنه.
أمَّا الأحاديثُ الَّتي تَمنَعُ من البُكاء على الميِّت كقولِه صلى الله عليه وسلَّم: "إنَّ الميِّت يُعَذَّبُ بِبُكاءِ أهْلِه عليْهِ" (رواه البُخاريُّ)، فالمُراد بالبُكاء فيها هو النِّياحة ورَفْعُ الصَّوْت.
قال النَّووي: "وأجْمَعُوا كُلُّهم على اختِلاف مذاهِبهمْ على أنَّ المُرَاد بالبُكَاءِ هُنا البُكَاءُ بصَوْتٍ ونِيَاحَة لا مُجَرَّد دَمْع العَيْن" انتهى.
وقد سُئِلَ شيْخُ الإسلام ابنُ تيمية في "الفتاوَى" عن بُكاء الأُمِّ والإِخْوة على الميِّت، هل فيه بأْسٌ على الميِّت؟ فقال رحمه الله: "أمَّا دمعُ العينِ وحُزْنُ القَلب فلا إِثْمَ فيه, لكنَّ النَّدبَ والنياحةَ منْهِيٌّ عنه" اهـ. ولمزيد فائدة تراجع فتوى: "البكاء على الميت"،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: