زكاة زيت الزيتون
أنا تاجر في زيت الزيتون، أشتَرِي الزَّيتون ثُمَّ أقوم بعصرِه في المَطاحِن المخصَّصة، لذلك أريد أن تُعطوني مقدار الزَّكاة في الزيت التي أعْصِرها لكَيْ أُخرجها.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فما ذَكَره السائل الكريم من شِرائه للزَّيتون ثُمَّ عصْرِه لا يدخُل في زكاة الزيتون الذي هو نوع من الزّروع، وقد سبق أن بيَّنَّا ضابط زكاة الزّروع في فتوى: "زكاة الأعشاب الطبية" فليرجع إليه.
وأمَّا زكاةُ زيت الزَّيتون فتلْحَق بزكاة عُروض التّجارة، حيثُ أوجَبَ جَماهيرُ أهل العِلْمِ الزَّكاة في كل ما أُعِدَّ للبيع والشراء لأجْلِ الرّبح، أو تَمَّ شراؤُه لغرض التجارة فيُقَوَّم إذا بَلَغَ النّصاب وحال عليه الحَوْل، ويخرج منه رُبع العُشر (2.5%)، وذلك بالقيمة التي تُساويها يومَ إخْراج الزَّكاة؛ يعني سعر السوق في ذلك اليوم، بِصَرْفِ النَّظر عن ثَمن الشراء.
وزكاة عروض التّجارة تَجِب بِثلاثة أمور:
الأوَّل: أن تُشترَى بنيَّة التّجارة.
الثَّاني: أن تَبلغ قيمتُها نصابًا بنفْسِها أو بِما انضمَّ إليْها من نقودٍ أُخْرى؛ وهو ما يُساوي قيمة 85 جرامًا من الذَّهب الخالص (عيار 24).
الثَّالث: أن يَحولَ الحَولُ على المال الذي اشتريت به.
قال الشيخ ابن عثيمين رحِمه الله: "وعُروض التِّجارة تقوَّم عند حَوْلِ الزَّكاة بِما تُساوي، ثم يخرج رُبع العُشْرِ منها ... فإذا قدَّرْنا أنَّ رجُلاً اشترى أرضًا بِمائة ألف، وكانت عند الحول تساوي مائَتَي ألف، فإنه يَجب عليه أن يزكي عن المائتيْنِ جَميعًا، وإذا كان الأمر بالعكس -اشتراها بمائة ألف وكانت عند تَمام الحَوْلِ تُساوي خَمسين ألفًا- فإنَّه لا يَجب عليْه إلا أن يُزَكّي عن خَمسين ألفًا؛ لأنَّ العبرة بقيمتها عند وجوب الزكاة".
ولمزيد فائدةٍ راجع الفتوى "زكاة العقار الذي اشتري بالتقسيط"،، والله أعلم.
ولْتَعْلَمْ -حفِظَكَ الله ورَعَاكَ- أنَّ رزْقكَ مقسومٌ، ولن يفوتَكَ منه شيءٌ، ولن يُدْرِكَكَ أجلُك قبل أن تستَوْفِي ما كُتِبَ لك منه.
ومِنْ أهمِّ أسبابِ الرِّزق طاعةُ الله تعالى واجتنابُ ما نَهى عنه؛ فلا يُطْلَب الرزقُ بِمعصية الله، بل إنَّ العبد ليُحْرَمُ الرِّزق بالذنب يُصيبُه، كما قال صلى الله عليه وسلم وقد وعدَ الله من تَحرَّى الحلال وبَحَث عنه بالفَرَجِ العاجل، فقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3].
فعليْكَ بتقْوى الله تعالى والإكثار مِن الاستِغْفار؛ فإنَّه سببٌ لِحصولِ الفَرَج، ولا يَحملنَّك استبطاءُ الرِّزق على الوقوع في كبيرةٍ لم يتوعَّد اللهُ بالحربِ على معصيةٍ سواها؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].
ونسألُ اللهَ أن يَجعَلَ لكَ مَخرجًا وفرجًا قريبًا، وأن يَرْزُقَك من حيثُ لا تَحتَسبُ،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: