حكم شراء العُملات والمتاجرة فيها
ما الحُكْم في شرائي عملةَ الدّينار العراقي بقَصْد الاستِثْمار على المدى البعيد لمدَّة 8 سنواتٍ على الأقلّ؟ ولكي تتَّضِح الصورة: أودّ شِراء ثلاثة ملايين دينار عراقي بمبلغ 850 دولار (تقريبًا) لكلّ مليون، وسأتْرُكها عندي لحين ترتفع قيمة الدّينار العِراقي.
لا أُخفيكم أنّي بَحثت يَـمنة ويَسرة عنِ الفَتاوى المتعلّقة بِهذا الخُصوص فوجدتُ مَن يُحَرّم ووجدتُ مَن يُحلّل، هل لكم أن تُخبِروني مَشكورين غيرَ مأمورين: ما هي نقطة الاختِلاف بين العُلماء الذين يقولون بالحِلّيَّـة ومَن يقولُ بالحُرمة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا حرجَ عليكَ إن شاء الله في شراء عملةٍ ما بعملةٍ أخرى مُختلفة، وبيعِها متَى شئت عندما يرتفعُ السّعر، وليس هذا من الرّبا إذا روعي فيه التقابُض في المجلس: أي تسليم عُملة بعملة أُخرى يدًا بيدٍ في المجلس قبل الافتِراق، أو ما يقومُ مقام التَّسليم من الوسائل الحديثة من انتِقال العملة من حساب البائع إلى حساب المشتري وانتِقال العملة الأخرى من حساب المشتري إلى حساب البائع؛ لقولِه صلى الله عليه وسلَّم: "الذَّهبُ بالذَّهب، والفِضَّة بالفِضَّة، والبُرّ بالبُرّ، والشَّعير بالشَّعير، والتَّمر بالتَّمر، والمِلْح بالمِلْح، مِثْلاً بِمِثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفتْ هذه الأصناف، فبِيعوا كيف شِئْتم إذا كان يدًا بيد" (رواه مُسلم من حديث عُبادة بن الصَّامت).
فإذا تَمَّ البيْعُ من غير تقابُض في المَجْلِس فقد وقع في ربا النَّسيئة، لما ورد عن أبِي المِنْهال قال: باع شريكٌ لي ورقًا بنسيئةٍ إلى الموسم أو الحجّ فجاء إليَّ فأخبرنِي، فقُلت: هذا أمر لا يصحّ، قال: قد بِعْتُه في السّوق فلم يُنْكِر عليَّ أحد. فأتيتُ البَراءَ بن عازب فسألتُه، فقال: قدِمَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلَّم المدينة ونَحن نَبيع هذا البيع فقال: "ما كان يدًا بيدٍ فلا بأسَ به، وما كان نسيئةً فهو ربًا" (متَّفق عليه واللَّفظُ لمسلم).
ومِمَّا سبق يتبيَّن أنَّ شراءَ الدّينار العراقي أو غيره حالَ انْخِفاض سعره ثُمَّ بيعَه عند ارتفاع سعره لا يَخرُج عن عقد الصَّرف الجائز شرعًا؛ لأنَّ الأصل في التّجارة سواءٌ في الأثْمان -العُملات- أو البَضائع الجوازُ، والمقصد منها غالبًا الرغبة في الرّبح، ولمزيدٍ من الفائدة راجِع: "التجارة في العملات عن طريق الإنترنت".
أمَّا مَن قال بالمَنع فلَمْ نطَّلع على قولِهم، ومن ثَمَّ لا يُمكِننا معرفة محلّ الخلاف بيننا وبينَهُم،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: