حكم وقوع الطلاق لمن كان فزعًا من نومه

منذ 2012-12-28
السؤال:

كنتُ نائمًا وجاءتْ زوجتي تُوقِظُني وفزِعْتُ من المنام فَلَغيْتُ بكلمة الطَّلاق، قلتُ: أنت كذا، فما رأيكم؟ طبعًا أنا كنتُ مفزوعًا أوَّلَ ما صحَوْت.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمَنْ تلفَّظ بكلمة الطَّلاق وكان واعيًا لِما يقولُ، فإنَّ طلاقَه يقَعُ وتُحسَبُ عليْه طلقةً.

أمَّا مَن ذهب وعْيُه وإدراكُه أوكان لا يَملك نَفْسَه، أو لا يشعُر بِما يلفظ به، فلَم يقصِد بكلامه حلَّ العِصمةِ سواءٌ بِشدَّة غضبٍ أو جنون أو نَوْمٍ ونَحوها-: فلا يَقَعُ طلاقُه؛ لقولِه تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 5]، ولقوْلِ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا طلاقَ في إغْلاق" رواه أبو داود، ولِخبَر الرَّجل الذي أخطأَ من شدَّة الفَرح وقال: "اللهُمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك"؛ رواه مسلم وأصله في الصحيحين، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنَّ الله وَضَعَ عن أُمَّتي الخَطَأَ والنِّسيانَ وما اسْتُكْرِهوا عليْه" (رواه ابن ماجة وصححه الألباني).

قال العلامة المرداوي في "الإنصاف": "ومَن زالَ عقْلُه بسببٍ يُعْذَر فيه، كالمَجنون والنَّائم والمُغْمى عليْه والمُبَرْسم، لَم يقَعْ طلاقُه، لكن لو ذَكَر المُغْمَى عليه والمجنونُ بعد أن أفاقا أنَّهُما طلَّقا، وقَعَ الطلاق" اهـ.

فالنائم والغافل وذاهب العقْلِ ناقص أهليَّة القَصْد؛ ومن ثَمَّ لَم يُمْضِ الشَّارعُ طلاقَ النَّائِمِ والنَّاسي وزائلِ العَقل.

والذي يظهر أنَّ السائل الكريم كان في حالةٍ لَم يعِ فيها ما يقولُ، ولا انعقدتْ نيَّتُه عليه، فيكونُ من اللَّغو الَّذي لا يقَعُ به الطَّلاق؛ لأنَّ اللَّفظَ لا بُدَّ معه من إرادة التَّكَلُّم بِالصِّيغة والعِلْمِ بِمَدلولِها.

وعلى فرض أنَّه كان مُدركًا لِما يقوله قاصدا للقول ودفعه لهذا غضبه على امرأته لإفزاعها إياه، فهو طلاقٌ صحيح، فإنْ كانتِ الطلقة الأولى أو الثَّانية ولَم تنتهِ العِدَّة فلَه مُراجعتُها, وإنِ انقضتْ عدتها فله مراجعَتُها بعقد ومهر جديدين.

وإن كانتْ الطَّلقةَ الثَّالثة فقدْ بانَتْ منه بينونةً كُبْرى, فلا تَحلُّ حتَّى تنكِحَ زوجًا غيرَه نِكاحَ رغبةٍ فيُصيبُ منها ما يُصيبُ الرَّجُل من زوجَتِه،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 14,844

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً