السكن المستقل للزوجة!!
أنا متزوِّج منذ ثلاث سنوات، وَالِدايَ على قيد الحياة، ولي ثلاثة إخْوة، وأُختان غير متزوِّجتَين، مؤخَّرًا وقعتْ مناوشات كلاميَّة بين الزَّوجة والأم، زوجتي ذهبتْ لمنزل والدَيْها وتُطالِب بالسَّكن المستقلِّ، وأمي غير راضية بهذا التصرف؛ لأبقى أنا في الوسط حائرًا؛ كيْف أُرضي والديَّ وزوجتي؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ من حقِّ الزَّوجة على زوجِها أن يوفِّر لها سكنًا مستقِلاًّ، ولا يُلْزِمها أن تسكُن مع أهلِه، وخاصَّة إذا ترتَّب على سُكناها معهُم أيُّ ضررٍ يَلحق بِها.
قال الكاساني في "بدائع الصنائع": "ولو أراد الزوج أن يُسْكِنها مع ضرَّتِها، أو مع أحْمائها؛ كأم الزَّوج، وأختِه، وبنتِه من غيرها، وأقاربها، فأبتْ ذلك عليه - فإنَّ عليه أن يُسكنَها منزلا منفرِدًا ... ولكن لو أسكنَها في بيتٍ من الدَّار – أي: في غرفة - وجعل لهذا البيت غِلقًا على حدةٍ - كفاها ذلك، وليس لها أن تطالبه بمسكنٍ آخَر؛ لأنَّ الضَّررَ بالخوف على المتاع، وعدمِ التمكُّن من الاستِمْتاع - قد زال". اهـ.
قال الأحناف: "وكذا تَجب لها السكنى في بيتٍ خالٍ عن أهله وأهلها، بقدر حالِهما؛ كطعامٍ، وكسوةٍ، وبيتٍ منفردٍ من دارٍ له غلقٌ ومرافق، ومرادُه لزومُ كنيف - أي: بيت خلاء - ومطبخ – كفاها؛ لحصول المقصود". اهـ.
ولا شكَّ أنَّ وجود إخوانِ الزَّوج في البيت يقيِّد من حريَّتها، بالإضافة إلى ما في ذلك من دواعي الفتنة؛ قال صلى الله عليه وسلَّم: "إيَّاكم والدخولَ على النِّساء"، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمْو؟ قال: "الحمْوُ الموت" (متَّفق عليه).
هذا؛ وإذا رضيتِ الزوجة بالسَّكن مع أهْل زوجها؛ إرضاءً للزَّوج، وعونًا له على برِّ والديْه، والإحسانِ إلى أرْحامه -فهي مأجورةٌ مُثابة- إن شاء الله تعالى.
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2]، وإذا كان يسكُن معها إخوةٌ لزوْجِها، فينبغي عليْها أن تَحتاط بقدر ما في وُسْعِها، فلا يَحدث اختِلاطٌ بيْنها وبيْنهم إلا لضرورةٍ، ولا يروْن منها عورة، ولا يَخْلون بها؛ لأنَّهم أجانبُ عنْها،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: