حج من كانت نفقته من سؤال الناس
فتاوى نور على الدرب
شخص يريد الحج لكن نفقة حجه كانت من سؤال الناس؟
نعم، حجه صحيح، أما سؤاله للناس ففيه تفصيل: إذا سأل الناس عن حاجة وعن مسكنة وصدق فلا حرج عليه والحمد لله، أما إن كان سألهم تكثراً وعن غير صدق، فهو آثم وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وقد صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه سأله قبيصة أن يساعده فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "أقم حتى تأتينا صدقة بني فلان، فآمر لك بها"، ثم قال: "يا قبييصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثاً الحجا من قومه لقد أصابت فلان فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش، قال وما سوى ذلك يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتاً"، فهذا يدل على أن المسألة إذا كانت لغير الأوجه الثلاثة محرمة، ومن هذا ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم أنه قال عليه الصلاة والسلام: "من سأل الناس أموالهم تكثراً، فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر"، فهذا وعيد عظيم.
فالإنسان إذا كانت له واحدة من هذه المسائل فلا بأس أن يسأل، إما أن يكون تحمل حمالة، وإما أن يكون أصابته جائحة، وإما أن يكون أصابته فاقة، فالحمالة معناها أنه تحمل ديناً لحاجة أولاده وعائلته، أو تحملها للإصلاح بين الناس، فإنه يعطى من الزكاة ما يسد هذه الحمالة، وله أن يسأل إذا كان عاجزاً حتى تسد هذه الحمالة، وظاهر النص ولو لم يكن عاجزاً إذا كانت الحمالة لمصلحة المسلمين ما هي لحاجته هو، أما إذا كانت لحاجته فأغناه الله فلا حاجة إلى أن يسأل، لكن إذا كان تحمل حمالة للمسلمين لمصلحة المسلمين فهذا يعطى، ولو لأن قبيصة تحمل حمالة للإصلاح، فإذا تحمل إنسان مالاً ليصلح بين قبيلتين أو بين أهل قريتين أو نحو ذلك فهو مشروع، وقد عمل عملاً طيباً، فينبغي أن يساعد من الزكاة، حتى لا يكسل الكبار والرؤساء والأعيان عن الإصلاح، فيعطى من الزكاة تلك الحمالة شكراً له على عمله الطيب، وتشجيعاً له ولأمثاله على العودة إلى مثل ذلك، من الزكاة أومن بيت المال.
الثاني: من أصابته جائحة، أصابته جائحة اجتاحت ماله، مثل سيل، أو حريق، أو ما أشبه ذلك مما يزول معه المال، فهذا يعطى من الزكاة أو غيرها ما يحصل به السداد، يعني سداد حاله، وضع حاله، سداداً من العيش ما يسد الحاجة، يعني يعطى من بيت المال أو الزكاة ما يسد الحاجة، حتى يلتمس له عملاً، وحتى يلتمس له سبباً يقوم بحاله.
الثالث: الذي كان في خير ثم أصابته فاقة، يعني أصابته حاجة شديدة، إما بفساد البضاعة التي يتسبب بها، أو لأسباب أخرى حصلت بها الفاقة غير الجائحة، أصابته فاقة لأسباب كثيرة، إما رخص الأسعار، وإما مرض أقعده عن العمل وإما غير ذلك، فهذا يعطى سداداً من عيش، يعطى من الزكاة وغيرها ما يقوم بحاجته، ويسد حاجته شهرياً أو سنوياً، فيستغني بذلك عن السؤال.
إذن الشروع في الحج - والمرء ليس لديه نفقته - هذا غير جائز لا يجوز، إلا إذا تبرع له أحد، بأن قال: تحج علي يا فلان، أو أعطيك النفقة، فلا بأس، لكن لا يحج بسؤال الناس، الله إنما أوجب الحج على المستطيع، فالذي يحج بسؤال الناس - لا يسأل الناس إذا كان عنده ما يسد حاجته، فالحمد لله لا يسأل الناس - والحج ليس بلازم حتى يستطيع، لكن لو حج في مال حصل عن سؤال مذموم أو من طريق حرام، كالسرقة أو الخيانة أو الربا أو ما أشبه ذلك، صح الحج؛ لأن أركان الحج وواجباته كلها بدنية، وعليه التوبة إلى الله مما فعل ورد الأموال إلى أهلها إن كانت عن سرقة أو نحوها.
- التصنيف:
- المصدر: