سؤال عن أشكال وصفات الملكين حينما يأتيان لسؤالك في القبر
أريد أسألك عن هذا الحديث هل تعرفون صفات الملكين حينما يأتيان لسؤالك في القبر؟ كلنا لا بد أن يفارق أهله وأحبته ورفاقه يوما ما لكن مع من سنلتقي؟؟؟ إليكم صفاتهما عن ابن عباس في خبر الإسراء. أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا جبريل وما ذاك؟ قال: منكر ونكير يأتيان كل إنسان من البشر حين يوضع في قبره وحيدا، فقلت: يا جبريل صفهما لي، قال: نعم من غير أن أذكر لك طولهما وعرضهما، ذكر ذلك منهما أفظع من ذلك غير أن أصواتهما كالرعد القاصف وأعينهما كالبرق الخاطف وأنيابهما كالصياصي لهب النار في أفواههما ومناخرهما ومسامعهما، ويكسحان الأرض بأشعارهما ويحفران الأرض بأظفارهما، مع كل واحد منهما عمود من حديد، لو اجتمع عليه من في الأرض ما حركوه، يأتيان الإنسان إذا وضع في قبره وترك وحيدا، يسلكان روحه في جسده بإذن الله تعالى ثم يقعدانه في قبره فينتهرانه انتهارا يتقعقع منه عظامه وتزول أعضاؤه من مفاصله فيخر مغشيا عليه ثم يقعدانه فيقولان له: يا هذا ذهبت عنك الدنيا وأفضيت إلى معادك فأخبرنا من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فإن كان مؤمنا بالله لقنه الله حجته فيقول: الله ربي، ونبيي محمد، وديني الإسلام، فينتهرانه عند ذلك انتهاراً يرى أن أوصاله تفرقت وعروقه قد تقطعت ويقولان له: يا هذا تثبت انظر ما تقول، فيثبته الله عنده بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويلقنه الأمان ويدرأ عنه الفزع فلا يخافهما، فإذا فعل ذلك بعبده المؤمن استأنس إليهما وأقبل عليهما بالخصومة يخاصمهما ويقول: تهددني كيما أشك في ربي وتريدان أن أتخذ غيره وليا وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وهو ربي وربكما ورب كل شيء، ونبيي محمد وديني الإسلام؟ ثم ينتهرانه ويسألانه عن ذلك فيقول: ربي الله فاطر السماوات والأرض، وإياه كنت أعبد ولم أشرك به شيئا ولم أتخذ غيره أحدا ربا أفتريداني أن ترداني عن معرفة ربي وعبادتي إياه؟ نعم هو الله الذي لا إله إلا هو. قال: فإذا قال ذلك ثلاث مرات مجاوبة لهما تواضعا له حتى يستأنس إليهما أنس ما كان في الدنيا إلى أهل وده ويضحكان إليه ويقولان له: صدقت وبررت أقَر الله عينيك وثبتك أبشِر بالجنة وبكرامة الله ثم يدفع عنه قبره هكذا وهكذا فيتسع عليه مد البصر ويفتحان له بابا إلى الجنة فيدخل عليه من روح الجنة وطيب ريحها ونضرتها في قبره ما يتعرف به من كرامة الله تعالى، فإذا رأى ذلك استيقن بالفوز فحمد الله، ثم يفرشان له فراشا من استبراق الجنة ويضعان له مصباحا من نور عند رأسه ومصباحا من نور عند ر جليه يزهران في قبره ثم تدخل عليه ريح أخرى فحين يشمها يغشاه النعاس فينام. فيقولان له: ارقد رقدة العروس قرير العين لا خوف عليك ولا حزن، ثم يمثلان عمله الصالح في أحسن ما يرى من صورة وأطيب ريح فيكون عند رأسه ويقولان: هذا عملك وكلامك الطيب قد مّثله الله لك في أحسن ما ترى من صورة وأطيب ريح ليؤنسك في قبرك فلا تكون وحيدا ويدرأ عنك هوام الأرض وكل دابة وكل أذى فلا يخذلك في قبرك، ولا في شيء من مواطن القيامة حتى تدخل الجنة برحمة الله تعالى.. فنم سعيدا طوبى لك وحسن مآب، ثم يسلمان عليه ويطيران عنه، والكافر الله اعلم ما قد يحل به من عذاب الله.
هذا الحديث في صفة الْمَلَكين حديث موضوع مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يجوز تناقله ولا نَشْره، وهو مما ينتشر على ألسنة بعض الوعّاظ الذين لا عناية لهم بالحديث النبوي. وأما سؤال الْمَلَكين، فهو ثابت، وكذلك أسماء الْمَلَكين، وأنهما مُنكَر ونكير، جاء به الْخَبَر. قال الشيخ الألباني رحمه الله: تسمية الملكين بمنكر ونكير فيه حديث بإسناد حسن مخرج في (الصحيحة). وصَحّ في الحديث أن المؤمن يُفتح له باب من الجنة، وأنه يُمثّل له عمله على هيئة رجل صالح حسن الوجه حسَن الثياب، فيأنس بِعَمَلِه. روى الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولَمّا يُلْحَد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، فرفع رأسه فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر -مرتين أو ثلاثا- ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاعٍ من الدنيا وإقبالٍ من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بِيضُ الوجوه كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحَنُوط من حَنُوط الجنة، حتى يجلسوا منه مَدّ البصر، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرةٍ من الله ورضوان. قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة مِنْ فِيّ السقاء، فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الْحَنُوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجِدَتْ على وجه الأرض. قال: فيصعدون بها فلا يَمُرّون -يعنى بها- على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يُسمّونه بها في الدنيا، حتى يَنتهوا بها إلى السماء الدنيا، فَيَسْتَفْتِحون له فَيُفْتَح لهم، فَيُشَيِّعُه من كل سماء مُقَرَّبُوها إلى السماء التي تليها، حتى يُنْتَهى به إلى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، وأعيدوه إلى الأرض، فإني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى. قال: فَتُعَاد روحه في جسده، فيأتيه ملكان فيُجْلِسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما عِلْمُك؟ فيقول: قرأت كتاب الله، فآمنت به وصَدَّقْتُ، فيُنادى مُنادٍ في السماء: أنْ صَدَق عبدي، فافْرِشُوه من الجنة، وألْبِسُوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة. قال: فيأتيه من رَوْحِها وطيبها، ويُفْسَح له في قبره مَدّ بَصَرِه. قال: ويأتيه رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طَيِّب الريح، فيقول: أبشِر بالذي يَسُرّك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجئ بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح، فيقول: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي. قال: وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نَزَل إليه من السماء ملائكة سُود الوجوه، معهم الْمُسُوح، فيجلسون منه مَدّ البصر ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب. قال: فَتَفَرَّق في جسده، فينتزعها كما يُنْتَزَع السُّفُّود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنْتَنِ رِيحِ جيفة وُجِدَتْ على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يَمُرُّون بها على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأقبحِ أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا حتى يُنْتَهى به إلى السماء الدنيا، فَيُسْتَفْتَح له، فلا يُفْتَح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ}، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سِجِّين في الأرض السُّفْلَى، فتطرح روحه طَرْحاً، ثم قرأ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}، فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان، فيجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فَيُنَادى مُنادٍ من السماء أن كَذَب فأفْرِشُوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من حَرِّها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، مُنْتِن الرّيح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت تُوعَد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجئ بالشرّ، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تُقِم الساعة". وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في محاضرة بعنوان: الحياة البرزخية والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: