عمل المرأة مندوبة تخليص معاملات

منذ 2013-06-11
السؤال:

أنا موظفة في دولة قطر أشتغل مندوبة تخليص معاملات في شركة خاصة وأنا على كفالتهم والمعروف في دول الخليج أن الشركات الخاصة تمنع الموظفين من أن يعملوا في غير الشركة اللي هم على كفالتهم، هل الشرع يسمح لي أن أتعاقد مع شركات أخرى من غير علم الشركة اللي أنا على كفالتهم علمًا بأني لا أقصر أو أهمل في حقهم؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين. أما بعد:

العمل كمندوبة تخليص المعاملات، يلزم منه مخالطة الرجال ومزاحمتهم ومراجعة الدوائر الخاصة بهم، وهذا مما لا يحل للمرأة. والعمل المختلط محرم عليها.

فالأصل في الإسلام أن تقر المرأة في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة. قال الله تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} [الأحزاب: 33]، وهذا الخطاب وإن كان موجها إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم فإن نساء المؤمنين تبع لهن في ذلك، وإنما وجه الخطاب إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم لشرفهن ومنزلتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين.

ودل على ذلك أيضًا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب إلى الله منها في قعر بيتها" (رواه ابن حبان وابن خزيمة وصححه الألباني في السلسة الصحيحة برقم 2688).

وقال صلى الله عليه وسلم في شأن الصلاة: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" (رواه أبو داود وغيره).

وفي مسند الإمام أحمد أن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: "قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي".

فدل هذان الحديثان على أنه كلما كان المكان أستر للمرأة وأبعد عن اختلاطها بالرجال كانت الصلاة فيه أفضل بالنسبة لها.

هذا في الصلاة فكيف بغيره، فقرار المرأة في بيتها عبادة تؤجر عليه.

والإسلام أوجب نفقة المرأة على أبيها وأخيها أو على زوجها إذا كانت متزوجة، فكما ترى فإن الإسلام أكرم المرأة أيما إكرام. فجعلها معززة مكرمة أميرة في بيتها، وأوجب على زوجها العمل والإنفاق عليها.

والعجب كل العجب من نسوة رفضن هذا التكريم وتقحمن مجال العمل، رغم عدم حاجتهن إلى ذلك، "فلو كانت المرأة أرملة وليس عندها أحد ينفق عليها، فهذه تعمل حتى تستر نفسها، وأما المرأة ذات الزوج فلماذا تعمل خارج بيتها رغم أن زوجها تجب عليه نفقتها" لكن إن احتاجت إلى العمل فلا بأس بشرط عدم الوقوع في المنكر وأمن الفتنة.

ومن المنكرات الخلوة المحرمة، والاختلاط، وجلوس النساء مع الرجال، فكل هذا لا يجوز، ويجب على المرأة أن تترك هذا العمل.

فقد روى أبو داود عن حمزة بن أبي أسيد عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: "استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق"، فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليعلق بالجدار من لصوقها به. (حسنه الألباني).

فمن تأمل في الحديث يجد عظيم حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيانة المرأة وحماية المسلمين من الفتن. فهؤلاء خرجوا بعد أداء أفضل عبادة وهي الصلاة، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر. وأيضًا هؤلاء أفضل هذه الأمة وهم الصحابة رضوان الله عليهم. ثالثًا: هؤلاء النسوة نسوة الصحابة العفيفات المتسترات. والذي حصل أنهم خرجوا من المسجد فحصل في الطريق نوع اختلاط. فنهاهن النبي صلى الله عليه وسلم أن يمشين في وسط الطريق بل بحافات الطريق وجوانبه. حتى إن إحداهن تلصق بالجدار حتى إن ثوبها ليعلق بالجدار من لصوقها به، وكل هذا استجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم.

فهذا الحديث دليل واضح على حرمة الاختلاط ولو في العمل.

فكيف تسألين عن الوفاء بحق الشركة (العقد) وقد ضيعت حق رب الشركة ورب العباد. فتوبي إلى الله واتركي هذا العمل المختلط المحرم وابحثي عن عمل آخر لا اختلاط فيه فمن ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه وقد قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق: 2- 3].

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغنينا وإياك بحلاله عن حرامه وبفضله عمن سواه، آمين. وإن استطعتِ أن يكون عملك بعيدًا عن الرجال ولا محظور فيه، فإنه لا بأس بالعمل خارج وقت عمل الشركة الكفيلة، إذا كنت متأكدة أنه لا يؤثر على عملك الأساسي. والله أعلم.

تاريخ الفتوى: 25- 5- 1430 هـ- 20- 5- 2009.

سعد بن عبد الله الحميد

أستاذ الحديث بكلية التربية بجامعة الملك سعود

  • 1
  • 0
  • 8,571

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً