سكن الزوجة مع ابنة عمِّ أمِّ الزوج
أنا متزوجة مِنْ رَجُلٍ شرَط عليَّ قبْل الزواج أنَّ خالته -وهي سيدة عجوز- سوف تسكن معنا، وأنا وافقْتُ، والشرط لَم يُكتَبْ في عقد النكاح، وبعدما تَمَّ العقدُ تَبَيَّنَ لي أنها ليستْ خالته، وإنما هي ابنة عم أمه، وبعد ذلك تَمَّ الزواج، وكانتْ هذه العجوز تقول لي: إن كلَّ ما في المنزل ملْك لي، وكلما طبخت تقول: هذا (بوتاجازي)، وهذه (صحوني)، وهذا (دولابي)، وهكذا!
وتقول لي: (أنتِ غير متربية)، وإنني قليلة الأدب، وتسبني، وترفع سماعة التليفون وأنا أتكلم وتسبني أمام مَن يُكلِّمني، وتدخل عليَّ الحمام وتقول لزوجي: انظر بنات فلان، شعورهم ناعمة، وانظر إلى هذه التي في التليفزيون حلوة ومؤدبة، وتظل تمدح في زوجة أخيه أمامه، وهو ساكت لا يرد عليها، ويجعلها تتحكَّم في البيت وفيَّ.
لو أردتُ أن أخرجَ تقول له: لا تُخرجها ولا تَخْرج، وهو يسمع كلامها، ويمنعني من الخروج، ولا يريد أن يعطيني مفتاح البيت، مع أنه أعطى نسخة للعجوز ولأخيه المتزوِّج مفتاحًا، ولم يعطني، كذلك لا يرضون أن أغلقَ باب غرفتي إذا خرجتُ من البيت.
أنا تعبت منها، قعدت معهم تسعة أشهر، وبعد ذلك طلبْتُ من والدي أن يأتِي ليأخذني؛ في المرة الأولى ما رضي، وكلَّمَ زَوْجي وقال له: يا ولدي، أمسك العصا منَ النصف، واحكم بينهم بالعدْل، فقال لأبي: حاضر أفعل.
بعدها بدأتِ العجوز تزيد في السَّبِّ، وصارتْ تسُبُّ أمِّي وأبي وأهلي كلهم، وهو ساكت، قلتُ لأهلي: تعالوا خذوني، فجاء الوالدُ وأخذني، وذهب إليه أخي، وقال له: تعال كلم أبي، وعندما جاء قال له أبي: زوجتك تريد بيتًا مستقلاًّ، فقال له: لا أستطيع، فقال له أبي: ائتني بأبيك وأخيك لنتفاهم معهم، فقال له: لا أحبُّ أن يتدخَّل أحد في حياتي.
أنا في بيت أهلي منذ ثمانية شهور، فما سأل عني، فهل يحق لي أن أطلب سكنًا مستقلاًّ؟ وهل يحق لي أن أطلب منه نفقة وكسوة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإن كان الأمر كما ذكرتِ، فمن حقِّك الحصول على سكنٍ مستقل، لا يشاركك فيه أحدٌ، كما بيَّنَّا في فتوى: "السكن المستقل للزوجة!!".
ويتأكد حقُّك في سكن منفصل عن تلك المرأة بما ذكرتِ من أسباب، ولتضررك بالسكن معها، وهذا من المعروف الذي أمر الله تعالى به: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، والآية تشمل المعاشرة القوليَّة والفعليَّة، فيجب على الزوج أن يعاشرَ زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة، ويدخل في ذلك النفقة والكسوة والسكن، فيجب على الزوْج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان.
وقد جرتْ عادة الناس وجرى العرفُ على أن الزوجَ إمَّا أن يُسْكِن الزوجة مع أهله، أو يحضر لها سكنًا مستقلاًّ، أما جعلها مع ابنة عمِّ أمِّه فلا، لا سيما مع الإساءة البالغة المذكورة في السؤال، فللزوجة أن تطلبَ الانفراد، ولزوجها أن يبرَّ قريبته بعيدًا عن زوجته؛ لأنه لا يقول عاقل: إن على الزوجة المسكينة أن تبقى طيلة حياتها في نارٍ تلظَّى وإهانة، فليس هذا من الإسلام ولا حُسن العِشْرة في شيء البتة.
واعلمي أن الزوج مكلَّف بالإنفاق عليكِ، وتوفير احتياجاتك قدْر طاقته، ما دمْتِ في عصْمته، ما لم تكوني ناشزًا؛ قال تعالى: {لِينْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق:7 ]، وراجعي فتوى: "حُكم أخذ الزوج راتب الزوجة".
وخروجك من المنزل لما ذكرتِه لا يُعَد نُشُوزًا؛ لأن ما لحق بك من سبِّ هذه المرأة لك ولوالديك، وتعمدها إهانتك أمام مَن تُهاتفينه - ضرر، والضرر لا بُدَّ أن يُزال.
فإما أن ينصحَ زوجك هذه المرأة لتحسن إليك في المعاملة، وتكفيك أذاها، وهذا من الأمور الواجبة عليه: أن يدافع عنك، ويحفظك من الإهانة، أو ليوفر لك سكنًا مستقلاًّ، ولكن إذا كان الزوجُ غير قادر على توفير المسكن المستقل للزوجة في هذه الفترة، فيندب لها الصبر واحتساب الأجر؛ حتى يجعلَ الله لها فرجًا ومخرجًا؛ قال الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى: 40]، وراجعي استشارة: "مشاكل عائلية".
ونُنَبِّه إلى أن هذه المرأة تعتبر أجنبيَّة عن زوجك، وليستْ من محارِمه،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: