حول ترك الصلاة والشرك

منذ 2015-11-14
السؤال:

سائل يقول: ما معنى هذه الآية التي وردت في سورة الروم: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الروم 31، 32]؟ وهل يقال لتارك الصلاة إنه مشرك؟

الإجابة:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر»، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضاً أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة» (خرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر). وهذا يدل على أن تارك الصلاة يسمى كافراً ويسمى مشركاً، وهذا هو الحق وهو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الله بن شقيق العقيلي - رضي الله عنه ورحمه - التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وهذا يدل على أن ترك الصلاة عند الصحابة رضي الله عنهم يعتبر كفراً أكبر، ويسمى تاركها كافراً مشركاً، وهذا هو أصح قولي العلماء إذا لم يجحد وجوبها. أما من جحد وجوبها فإنه كافر عند الجميع، نعوذ بالله من ذلك. 

فالذي ترك الصلاة قد فرق دينه وقد خرج عن جماعة المسلمين، واستحق أن يقتل إن لم يتب; لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة» فالذي يترك الصلاة يعتبر تاركاً لدينه مفارقاً للجماعة. نسأل الله العافية والسلامة.

لكن هل يقال لمن ترك الصلاة: إنه مشرك؟ نعم يقال له مشرك ويقال له كافر: في أصح قولي العلماء، لكن الجمهور قالوا: كفر دون كفر وشرك دون شرك إذا لم يجحد وجوبها، والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم أنه كفر أكبر وشرك أكبر، كما حقق ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة، وذكره الذهبي عن جماعة من أهل العلم في كتابه [الكبائر] وذكره آخرون، ودل عليه الحديث السابق الذي رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة» فسماه كفراً وشركاً، والكفر المعرف والشرك المعرف بأداة التعريف هو الكفر الأكبر والشرك الأكبر، والآية تبين أن من صفات المشركين تفريق الدين والتشيع، كل شيعة لها رأي ولها كلام ولها أنصار.

هكذا يكون المشركون وهكذا يكون الكفار، متفرقين، كل طائفة لها رئيس ولها متبوع تغضب لغضبه وترضى لرضاه، ليس همهم الدين وليس لهم تعلق بالدين، أما المسلمون فهم يجتمعون على كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهدفهم هو اتباعهم الكتاب والسنة، فهم مجتمعون على ذلك معتصمون بحبل الله، أما غيرهم من الكفار فهم أحزاب وشيع.

والله عز وجل يحذرنا أن نكون مثلهم، ويأمرنا أن نقيم الصلاة، وأن نستقيم على دين الله، وأن نجتمع على الحق ولا نتشبه بأعداء الله المشركين، الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، وهكذا أصحاب البدع شابهوا المشركين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، هذا معتزلي، وهذا جهمي، وهذا مرجئ، وهذا شيعي إلى غير ذلك، فالتفرق في الدين هو مخالفة لما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله، والاستقامة على دين الله، وعدم التنازع والفشل. 

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-

  • 12
  • 3
  • 56,749

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً