حكم من يصوم رمضان ثلاثين يوماً دائماً

منذ 2014-06-05
السؤال:

ما حكم الله ورسوله في قوم يصومون رمضان ثلاثين يوماً ولا ينقصونه أبداً؟

الإجابة:

هذا العمل خطأ؛ بل منكر مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولعمل أصحابه من أهل البيت وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين؛ لقول الله سبحانه: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]، وقوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له)، وفي لفظ: «فصوموا ثلاثين» (رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1081)، وفي لفظ آخر: «فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً» (رواه البخاري في الصوم باب قول النبي: «لا نكتب ولا نحسب» برقم 1913، وفي باب قول النبي: «إذا رأيتم الهلال فصوموا» برقم 1908)، فهذه الآيات والأحاديث تدل على أن الواجب هو الأخذ بالأهلة، فإن تم الشهر ثلاثين صام الناس ثلاثين، وإن نقص صام الناس تسعاً وعشرين، وقد تواترت الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم دالة على أن الشهر يكون تسعاً وعشرين، ويكون تارة ثلاثين، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بترائي الهلال وإكمال العدة إذا لم ير الهلال ليلة الثلاثين من شهر شعبان أو ليلة الثلاثين من رمضان.
فلا يجوز لأحد أن يحكم رأيه ويقول عن الشهر: "دائماً يكون ثلاثين"؛ لأن هذا القول مصادم ومخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أنه مخالف لإجماع المسلمين، فإن العلماء قد أجمعوا قاطبة على أن الشهر يكون تسعاً وعشرين ويكون ثلاثين، والواقع شاهد بذلك يعلمه كل أحد له عناية بهذا الشأن، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء: 59].
قال العلماء من أهل التفسير وغيرهم: الرد إلى الله هو الرد إلى كتابه الكريم، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه في حياته وإلى سنته الصحيحة بعد وفاته، وقد أوضحنا لك الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وإجماع أهل العلم على أن الشهر تارة يكون تسعاً وعشرين وتارة يكون ثلاثين، فليس لأحد من الناس أن يخالف هذا الأصل الأصيل، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

نشر في كتاب الأجوبة المفيدة عن بعض مسائل العقيدة ص 37 لسماحته عام 1414هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس عشر

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-

  • 0
  • 0
  • 5,235

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً