أحاديث الأبدال
إنه قرأ في إحدى المجلات مقالة حول الأبدال وأنهم يكونون بالشام كما ورد في الحديث المذكور في المقال، وهو عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلاً، كلما مات منهم رجل، أبدل الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث، وينصر بهم على الأعداء ويصرف بهم عن أهل الأرض البلاء» (رواه الترمذي)، فما قولكم في ذلك؟
لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح في الأبدال وكل ما ورد من الأحاديث في الأبدال والأقطاب والأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد، كلها أحاديث باطلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قرر ذلك المحققون من أهل العلم حديثاً وقديماً. ومن هذه الأحاديث الباطلة، الحديث المذكور أعلاه، فإنه حديث منقطع وهو ضعيف قال الشيخ أحمد محمد شاكر يرحمه الله في تعليقه على مسند الإمام أحمد 2/171، قال: ”وإسناده ضعيف لانقطاعه ….”. وقال ابن القيم: ”ذكره الإمام أحمد ولا يصح أيضاً فإنه منقطع” المنار المنيف ص136. وقال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير ص334. ويضاف إلى ذلك كله أن الحديث لم يروه الترمذي كما ورد في السؤال. وأحاديث الأبدال لم يروها أحد من أصحاب الكتب الستة إلا حديثاً واحداً رواه أبو داود في سننه، وورد فيه ذكر الأبدال، وهو حديث أم سلمة وهو حديث ضعيف لا يصح وفيه ”فإذا رأى الناس ذلك، أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ….” وهذا الحديث ضعيف، فهو من رواية قتادة عن صالح أبي الخليل عن صاحب له لم يسمَّ عن أم سلمة، فالحديث ضعيف، كما أن قتادة لم بصرح بالسماع، وقد ضعفه الشيخ الألباني وغيره. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ”والحديث المروي في الأبدال، أربعون رجلاً، حديث ضعيف، فإن أولياء الله المتقين، يزيدون وينقصون بحسب كثرة الإيمان والتقوى، وبحسب قلة ذلك، كانوا في أول الإسلام أقل من أربعين، فلما انتشر الإسلام كانوا أكثر من ذلك ” مجموع الفتاوى 27/498. وخلاصة الأمر كما قال العلاّمة ابن القيم: ”إن أحاديث الأبدال والأقطاب وألأغواث والنقباء والنجباء والأوتاد، كلها باطلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم” المنار المنيف ص136.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” …. كل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة الأولياء والأبدال والنقباء والنجباء والأوتاد والأقطاب مثل أربعة أو سبعة أو اثني عشر أو أربعين أو سبعين أو ثلاثمئة وثلاثة عشر، أو القطب الواحد، فليس في ذلك شيء صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ إلا بلفظ الأبدال، وروي فيهم حديث أنهم أربعون رجلاً وأنهم بالشام وهو في المسند من حديث علي رضي الله عنه، وهو حديث منقطع ليس بثابت” مجموع الفتاوى 11/167. وقال الحافظ السخاوي: ”حديث الأبدال له طرق عن أنسرضي الله عنه مرفوعاً بألفاظ كثيرة كلها ضعيفة” المقاصد الحسنة ص8. وقد ضعف الشيخ الألباني حفظه الله الأحاديث الواردة في الأبدال كما في السلسلة الضعيفة 2/340 – 341. ورد الشيخ الألباني على السيوطي تصحيحه لها، وذكر حديث عبادة: ”الأبدال في هذه الأمة ثلاثون، مثل إبراهيم خليل الرحمن عز وجل، كلما مات رجل، أبدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلاً”، ثم قال: ”منكر رواه الأمام أحمد …. وقال أحمد عقبه: وهو حديث منكر …. الخ ”. كما ضعف الشيخ الألباني أحاديث الأبدال الواردة عن أنس رواه الخلال في كرامات الأولياء، وقال الشيخ الألباني: ضعيف. وحديث عون بن مالك رواه الطبراني، وقال الشيخ الألباني: ضعيف. وحديث عطاء مرسلاً رواه الحاكم في الكنى، وقال الشيخ الألباني: ضعيف، انظر ضعيف الجامع الصغير، الأحاديث من رقم 2265 إلى 2270 وانظر أيضاً السلسلة الضعيفة 3/677 حيث ذكر الشيخ الألباني حديث عطاء السابق وقال: منكر. ونقل عن الذهبي أنه قال: ”والخبر منكر ”. ولا ينخدعن أحد بما ذكره السيوطي في رسالته: ”الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال” فإنها أحاديث ضعيفة مثخنة بالجراح . وذكر الحافظ ابن الجوزي أحاديث الأبدال وطعن فيها واحداً واحداً وحكم بوضعها. وقال الشيخ ملا علي القاري: ”حديث الأبدال من الأولياء، له طرق عن أنس مرفوعاً بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة” ذكره ابن الديبع. وعن ابن الصلاح: أقوى ما روينا في الأبدال قول علي أنه بالشام يكون الأبدال وأما الأدباء والنجباء والنقباء، فقد ذكرها بعض مشايخ الطريقة، ولا يثبت ذلك ”الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص101 – 102. وجاء في تذكرة الموضوعات للفتني الهندي: ”وعن أبي هريرة: ”لن تخلو الأرض من ثلاثين، مثل إبراهيم خليل الرحمن، بهم يعانون وبهم يرزقون وبهم يمطرون” وفيه واضع ضعيف، …. وعن أنس: البدلاء أربعون …. فيه العلاء روى عن أنس نسخة موضوعة ….، وعن أنس بطريق آخر: الأبدال أربعون رجلاً وأربعون امرأة كلما مات …. الخ فيه مجاهيل …. الخ ” تذكرة الموضوعات 194. وقال ابن عرَّاق الكناني بعد أن ساق عدداً من أحاديث الأبدال: ” …. ولا يصح منها شيء“.
حسام الدين عفانه
دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.
- التصنيف:
- المصدر: