يوجد قبور لعدد من الصحابة يزورها بعض الناس ....

منذ 2006-12-01
السؤال: في بعض بلاد المسلمين قبور لعدد من الصحابة والصالحين وغيرهم، هذه القبور يزورها بعض الناس بصفة منتظمة ويطوفون بها ويصلون عندها ويعتقدون أنها تجلب البركة، فإلى أي حد يؤثر هذا العمل على عقيدة المسلم‏؟‏
الإجابة: زيارة القبور من أجل التذكر والاعتبار والدعاء لأموات المسلمين مستحبة قد أمر بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله‏:‏ "زوروا القبور فإنها تُذكر بالآخرة" ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه بلفظ‏:‏ ‏"‏‏.‏‏.‏ فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت‏" ‏‏]‏، وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا مر بقبور المسلمين سلّم عليهم ودعا لهم، فقال‏:‏ ‏"السلام عليكم أهل الديار من المسلمين والمؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم‏" ‏‏.‏
هذه هي الزيارة الشرعية التي فيها نفع للزائر بحصول الأجر والتذكر والاعتبار ونفع للميت المزور بالسلام عليه والدعاء له‏.‏ أما زيارة القبور من أجل التبرك بتربتها والتمسح بجدرانها وسؤال الموتى قضاء الحاجات وتفريج الكربات وتقديم النذور لهم والذبح لهم والطواف بقبورهم والصلاة عندها أو إليها، فهذه زيارة بدعية شركية قد حرَّمها الله ورسوله‏.‏
قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا‏}‏ ‏[‏سورة الجن‏:‏ آية 18‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ‏}‏ ‏[‏سورة يونس‏:‏ آية 18‏]‏، سمى عملهم هذا شركًا نزه نفسه عنه مع أنهم يزعمون أن هؤلاء الموتى مجرد شفعاء لهم عند الله يسألونه بحقهم وجاههم وهذا ما عليه القبوريون اليوم‏.‏
وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" ‏‏، ومعنى يتخذونها مساجد‏:‏ يصلون عندها رجاء بركاتها وقبول دعائهم بواسطتها‏.‏
وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يبنون المساجد على القبور‏" ‏[‏رواه الإمام أحمد في ‏"‏مسنده‏"‏ ‏من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه‏]‏، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبعض أزواجه لما ذكرن له ما رأينه بأرض الحبشة من كنائس النصارى وما فيها من التصاوير‏:‏ "أولئك شرار الخلق عند الله" ‏‏.‏
وهذا بعينه هو ما يفعله القبوريون اليوم‏:‏ يبنون المشاهد الشركية على القبور، ويسمونها مساجد، ويغرون العامة والسُّذَّج بزيارتها وصرف الذبائح والنذور لها واعتبروها موارد مالية يستغلونها للكسب من هؤلاء الطعام وأشباه الأنعام، وهذا شرك أكبر يبطل العقيدة ويخرج من الملة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‏.‏
والواجب على ولاة أمور المسلمين وعلى علمائهم إنكار هذا الشرك القبيح وإزالة هذه المساجد، بل المشاهد المبنية على القبور، وتحكيم شرع الله في هؤلاء الذين أضلوا الناس، وزينوا لهم هذه الأعمال الشركية القبيحة، فقد قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لابن عمه علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ "لا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويّته"‏ ‏[‏رواه الإمام مسلم في ‏"‏صحيحه‏"‏ من حديث أبي الهياج الأسدي‏]‏، وهذا أمر لجميع الأمة‏.

صالح بن فوزان الفوزان

عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية

  • 1
  • 0
  • 16,646

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً