حكاية لَفْظة الطَّلاق لا يعد طلاقًا
طلَّقتُ زوجتي مرتين، وثَّقتُ الثَّانية في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، وبعد أسابيع قليلة احتاجت الزَّوجة إلى وثيقةٍ من مصر (بلدي)؛ ولذلك ذهبت إلى مصر لأخْذ الوثائق اللاَّزمة لِهذا الطَّلاق، والشخص الذي يوثِّقُها طلب منِّي أن أقول لفظ الطَّلاق أمامَه - الزَّوجة لم تكن معي - لذلك قلتُها، هل يُعتبر هذا طلاقًا ثالثًا أم أنَّه مجرَّد توثيق للطَّلقة الثانية؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنْ كان الحال كما تقول، فما قلته أمام الموثِّق لا يعدُّ طلاقًا، وإنَّما هو حكاية للَفْظة الطَّلاق الثاني، والظاهر أنك لم تقصِد إنْشاءَ طلاق جديد؛ ولذلك فلا يلزم من قولِك شيء؛ لأنَّ قصْد فِعْل الطَّلاق، الَّذي هو مِنْ أرْكان وقوع الطَّلاق عندَ الفُقَهاء (القصد) - لَم يكن متوفرًا عندك.
قال الشَّيخ خليل بن إسحاق المالِكي: ورُكْنه - أي: الطَّلاق - أهْلٌ وقصْد ومحلٌّ ولفظ.
وقال الشيخ عليش شارحه لقوله: أي: إرادة النُّطق باللَّفظ الصَّريح أو الكِناية الظَّاهرة، وقال صاحب "البهجة": "قوله: وقصد؛ أي: قصْد لفظِه لمعناه؛ أي: قصد لفظه ومعناه؛ إذِ المعتبر قصْدهما ليخرج حكاية طلاق الغير، وتصْوير الفقيه، والنِّداء بطالق لمنِ اسمُها طالق". اهـ.
وقال ابن قدامة في "الشرح الكبير": "إذا قال لها: أنتِ طالقٌ بالأمس ... إذا أراد الإخْبارَ أنَّه كان طلَّقها هو أو زوجٌ قبلَه في ذلك الزَّمان الذي ذكَرَه، وكان قد وُجِد ذلك - قُبِلَ منه؛ ذكره أبو الخطَّاب، وقال القاضي: يُقْبَل على ظاهر كلام أحمد؛ لأنَّه فسَّره بما يَحتمله، وإن أراد: إنِّي كنتُ طلَّقتُك أمسِ فكذَّبتْه، لزِمَتْها الطَّلقة، وعليْها العدَّة من يومها؛ لأنَّها اعترفت أنَّ أمسِ لم يكن من عدَّته".
وعليه؛ فما قلته أمام الموثق لا يُعتبر طلق ثالثة، ما دمت فعلته حكاية لطَّلقتك الثانية
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: