هل أرواح جميع الشهداء تكون في جوف طير تأوي إلى قناديل تحت العرش؟
هل حلول الروح في حواصل الطير الخضر خاص بشهيد المعركة، أم عام في كل أنواع الشهداء – كالمبطون، والمحروق، إلى غير ذلك -؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد ذهب ابن حجر الهيتمي إلى أن سائر الشهداء أرواحهم تكون في جوف طير تأوي إلى قناديل تحت العرش، ولا تختص بأرواح شهداء المعركة، وذكر أن القرطبي قد نقل ذلك عن العلماء، فقال - رحمه الله - في الفتاوى الكبرى: وللشهداء خصوصيات: منها: أنه يغفر له أول دفعة، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويزوج اثنين وسبعين من الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه" رواها الترمذي بسند صحيح غريب.
ومنها: أنهم {أحياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 169] كما في القرآن العزيز.
« » (رواه مسلم).
وبعض هذه الخصال يكون لسائر الشهداء كالأخيرة، كما نقله القرطبي عن العلماء، وكوقاية فتنة القبر كما ذكره الجلال السيوطي، ونقله عن القرطبي ورد على من توقف من معاصريه في كون المطعون يأمن فتنة القبر، قال: وأعجب من ذلك من ظن أن شهيد المعركة يفتن في قبره، وهو مخالف للنص. انتهى.
هذا، وإن كان في المسألة احتمال آخر، وهو ما ذكره ابن رجب من أن ذلك خاص بأرواح الشهداء المقتولين في سبيل الله، فقد قال في جوابه عن الحديث الذي رواه ابن إسحاقعن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ». قال - رحمه الله - في أهوال القبور: وهذا يدل على أن النهر خارج من الجنة، وابن إسحاق مدلس، ولم يصرح بالتحديث هنا، ولعل هذا في عموم الشهداء، والذين في القناديل التي تحت العرش خواصهم، ولعل المراد بالشهداء هنا هو شهيد من غير قتل في سبيل الله، كالمطعون، والمبطون، والغريق، وغيرهم ممن ورد النص بأنه شهيد، فالأحاديث السابقة كلها فيمن قتل في سبيل الله، وبعضها صريح في ذلك، وفي بعضها أن الآية نزلت في ذلك وهو قوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً}، الآية نص في المقتول في سبيل الله ... إلى أن قال: وبكل حال: فالأحاديث المتقدمة كلها في الشهيد المقتول في سبيل الله لا يحتمل غير ذلك، وإنما النظر في حديث ابن إسحاق هذا. انتهى.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: