هداية وإصلاح .. لا استعمار واستعباد

منذ 2014-11-17
السؤال:

بما أرد على من يقولون: ماذا فعل الأوروبيون، وأهل مصر، وكل الشمال الإفريقي حتى يهاجمهم المسلمون؟ 
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فهذا السؤال إنما يتوجه إذا اعتبرانا الفتوحات الإسلامية عقوبة للبلاد المفتوحة، فيقال عندئذ: ما ذنبها أو ما فعلت؟! وأما إذا اعتبرناها إكراما وإحسانا وهداية وإصلاحا للشعوب والبلاد المفتوحة، فلن يكون لهذا السؤال معنى، بل سيقال: ما الذي حض المسلمين على التضحية ببذل النفوس والأموال والأولاد، وترك الراحة والدعة، لأجل هداية شعوب ليس بينهم وبينها صلة ولا نسب؟ وسيكون الجواب: كان ذلك محبة لله وطلبا لمرضاته، وامتثالا لأمره وإعلاء لكلمته ونصرة لدينه، ونشرا للحق، ومحبة للخير، وحرصا على نجاة الخلق من نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى.
وقد بين ذلك واحد من جنود الإسلام في الصدر الأول وهو ربعي بن عامر، لما سأله رستم قائد الفرس: ما جاء بكم؟ فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله. قال: وما موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي. اهـ.
فالجهاد في الإسلام إنما هو صورة من صور الدعوة إلى الله، ولذلك كانت قاعدة الفتوحات الإسلامية أن يبدءوا بدعوة أهل البلد إلى الدخول في دين الله، فيكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، ولا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى، فإن أبوا عرض عليهم دفع الجزية، فإن أبوا فالقتال حتى يدخلوا في سلطان المسلمين، ليتمكن المسلمون من دعوتهم إلى الإسلام دون أن يقف في طريقهم أحـد، ثم بعد ذلك من شاء منهم أن يدخل في الإسلام فعل، ومن شاء أن يبقى على كفره فعل.
وتأمل وصية النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر، لما قال له علي بن أبي طالب قائده على المسلمين: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم» (رواه البخاري ومسلم).
فبين النبي صلى الله عليه وسلم الغاية الحقيقية من وراء الجهاد: «لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم».
فالإسلام دين هداية ورحمة، هدفه الأسمى إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وتبصيرهم بالطريق القويم، الذي يهديهم إلى جنات النعيم، والقتال في الإسلام ليس من أجل إكراه الناس على الدخول فيه، وإنما لأجل ردع من يقف أمام دعوة الحق، وإزالة العوائق التي تحول بين الناس وبين سماع الحق، ثم من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وتاريخ المسلمين في فتوحاتهم خير شاهد على ذلك.
والله أعلم.
 

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 993

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً