لماذا لم يحرم الإسلام الرق
فضيلة الشيخ: عندما ناقشت رسالة الدكتوراة هنا في فرنسا حول موضوع الإسلام والغرب قلت من بين عدة أشياء أخرى إن الإسلام حرم الرق والعبودية. هنا ثار أستاذ فرنسي وقال إن الإسلام لم يحرم ذلك بل ربما يشجعه وذكر الحضور بملك اليمين. السؤال لماذا لا يوجد نص ديني صريح يحرم الرق كما حرم الخمر والربا والخنزير وغيرها.
شكرا جزيلا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمسألة الرق من المسائل التي يفرح بها المرجفون، ودائما ما يثيرونها على أنها سبة في وجه الإسلام، وقد كذبوا في ذلك، فالإسلام لم يبتكر مسألة الرقيق، وإنما كانت أمراً قائماً في العالم، فجاء الإسلام بتنظيمها، وحصر أسبابها في سبب واحد فقط، وهو الأسر من الأعداء المحاربين، ووسع طرق التخلص منها، فرغب في إعتاق الرّقاب ابتداء، وجعل تحرير الرقاب كفارة ملزمة للقتل الخطأ، والجماع في نهار رمضان، والظهار، واختيارية لكفارة اليمين، فضيقت أحكام الشريعة مصدر الرق، ووسعت مصارفه ووسائل التخلص منه، وحفظت الشريعة حقوق الرقيق التي كانت مهدرة قبل الإسلام، ومشكلة الغرب أنه عندما حارب الرق ظن أن الرق في الإسلام كالرق عنده، والفرق بينهما شاسع.
ومن المعلوم أن من الباحثين من وضعوا الإسلام في موضع المتهم، وبدأوا يدافعون عنه، ولكن بلا علم فأفسدوا أكثر مما أصلحوا، وقد يكون السائل الكريم قد تأثر ببعض ما كتبوا فظن أن الإسلام حرم الرق أو كان ينبغي أن يحرمه يبين هذا قوله: لماذا لا يوجد نص ديني صريح يحرم الرق كما حرم الخمر والربا والخنزير وغيرها؟
والجواب هو أنه لا يوجد أصلا نص ولو كان غير صريح يحرم الرق في الإسلام؟ إن دلائل مشروعية الرق كثيرةٌ كتاباً وسنة، واتفق على جوازه المسلمون عبر العصور، وكان المسلمون أفضل من عامل الرقيق، ولو تأملت كتب الفقه والحديث وغيرها من كتب أهل الإسلام التي تناولت أحكام الرقيق لرأيت قمة السمو في التعامل وقمة الرحمة، وكيف حث الإسلام على عتق الرقيق ورتب عليه من أنواع العبادات والثواب ما لا تحيط به هذه الفتوى.
ونوصيك بقراءة كتاب: الإسلام والحضارة الغربية للدكتور: محمد محمد حسين رحمه الله، وكتاب شبهات حول الإسلام للأستاذ محمد قطب ( ص 37-63) فإنك واجد فيهما ما يكفي. والله الموفق.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: