شروط صلاة الجمعة

منذ 2015-02-09
السؤال:

ما هي شروط صلاة الجمعة والمكان الذي تصح فيه ؟
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: تنقسم شروط صلاة الجمعة إلى ثلاثة أنواع:‏
‏1- شرط وجوب وصحة معاً.‏
‏2- شرط وجوب فقط ‏
‏3- شرط صحة فقط.‏
أما الأول وهو: شرط الوجوب والصحة معاً، فالمتفق عليه منه هو دخول الوقت فلا تجب ‏الجمعة ولا تصح إذا فعلت في غير وقتها.‏
ووقتها عند الجمهور هو وقت صلاة الظهر، وخالف الحنابلة في مبدئه فقالوا: إنه يبدأ من ‏بعد طلوع الشمس، والأفضل عندهم أداؤها بعد الزوال.‏
وأما المختلف فيه فشيئان:‏
أ - المكان الذي تقام فيه، فالحنفية يشترطون للوجوب والصحة معاً المصر والمراد ‏بالمصر عندهم البلدة التي فيها سلطان أو نائبه لإقامة الحدود وتنفيذ الأحكام.‏
ويلحق بالمصر عندهم ضواحيه وأفنيته والقرى المنتشرة حوله.‏
ولم يشترط الفقهاء الآخرون هذا الشرط بهذه الهيئة، فالشافعية يكتفون باشتراط إقامتها في ‏خطة أبنية، سواء كانت من بلدة أو قرية. والمالكية ينحون منحاً قريباً من هذا، فيشترطون ‏أن تقام في مكان صالح للاستيطان، فتصح إقامتها عندهم في المكان الذي فيه الأبنية ‏والأخصاص ( أي البيوت المبنية من الخشب أو سعف النخيل) لاتخاذها عادة للاستيطان ‏فيها مدة طويلة، وصلاحيتها لذلك ولا تصح في المكان الذي كل مبانيه خيم لعدم اتخاذها ‏للاستيطان عادة وعدم صلاحيتها لذلك.‏
وأما الحنابلة فلا يشترطون شيئاً من هذا، فتصح عندهم في الصحاري وبين مضارب الخيام
والراجح في هذه المسألة هو أن الجمعة تصح في كل مكان حصل فيه اجتماع الناس- ‏واسمها مشتق من ذلك- ولا يشترط المصر بل تصح في المدن والقرى وقد بوب البخاري ‏بما يقتضي ذلك فقال: ( باب الجمعة في القرى والمدن) وذكر حديث ابن عباس أنه قال ‏إن أول جمعة جمعت بعد جمعة جمعت في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد عبد ‏القيس بجواثى من البحرين). وجواثي أولها جيم بعده واو ممدودة ثم ثاء مثلثة قرية من ‏قرى البحرين قال الحافظ في الفتح ووجه الدلالة منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا ‏إلا بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور ‏الشرعية في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه ‏القرآن…." وعن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر رضي الله عنهما يسألونه عن الجمعة ‏فكتب إليهم جمعوا حيث كنتم" أخرجه بن أبي شيبة وصححه ابن خزيمة كما قال الحافظ ‏وهذا يشمل المدن والقرى.‏
وروى البيهقي في سننه عن الوليد ابن مسلم قال سألت الليث ابن سعيد كل مدينة أو ‏قرية بها جماعة وعليه أمير أمروا بالجمعة فليجمع بهم فإن أهل الإسكندرية ومدائن مصر ‏ومدائن سواحلها كانوا يجمعون الجمعة على عهد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان ‏رضي الله عنهما بأمرهما وفيها رجالٌ من الصحابة.‏
ثم قال البيهقي بعد أن نقل جملة من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم في هذا المعنى قال: ‏‏"والأشبه بأقاويل السلف وأفعالهم إقامة الجمعة في القرى التي أهلها أهل قرار وليسوا بأهل ‏عمود ينقلون…)‏
بل أن بعض أهل العلم صححها من أهل البادية مستدلين بما روى عبد الرزاق بإسناد ‏صحيح -كما قال الحافظ - عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة ‏يجمعون فلا يعيب عليهم"‏
ب - إذن السلطان في إقامتها، وهذا الشرط عند الحنفية فقط، ولم يشترطه غيرهم غير ‏أن المالكية يرون أنه يندب استئذانه أولاً فإن منع وأمن شره لم يلتفت إلى منعه وأقيمت ‏وجوباً. ولا دليل من الكتاب أو السنة على اعتبار هذا الشرط.‏
النوع الثاني من شروط الجمعة وهو: شرط الوجوب فقط، ويتلخص في خمسة أمور:‏
‏1- الإقامة في المكان الذي تقام فيه الجمعة سواء كانت الإقامة دائمة أو مؤقتة تقطع ‏حكم السفر.‏
‏2- الذكورة، فلا تجب على النساء
‏3- الحرية، فلا تجب على العبد لانشغاله بخدمة سيده.‏
‏4- صحة البدن وخلوه مما يشق معه -عادة- الخروج لشهود الجمعة في ‏المسجد، كمرض وألم شديدين، ودليل ما تقدم ما أخرجه أبو داود عن ‏طارق ابن شهاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الجمعة حق واجب ‏على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو ‏مريض."‏
وأما سقوطها عن المسافر فلما أخرجه البهقي والدار قطني وغيرهما أن النبي صلى الله عليه ‏وسلم قال: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا مريضاً أو مسافراً أو امرأة ‏أو صبياً أو مملوكاً". وللحديث شواهد كثر.‏
وألحقوا بالمريض ممرضه الذي يقوم بأمره، ولا يجد من ينوب عنه ممن لا تجب عليه.‏
‏5- السلامة من العاهات المقعِدة، كالشيخوخة الشديدة والعمى، فإن وجد الأعمى قائداً ‏متبرعاً أو بأجرة معتدلة وجبت عليه عند الجمهور.‏
‏ هذا بالإضافة إلى العقل والبلوغ والإسلام، كما هي مشترطة في باقي العبادات.‏
النوع الثالث من شروط الجمعة هو شرط الصحة فقط، ويتلخص في أربعة أمور:‏
أ - خطبة متقدمة على الصلاة مما يطلق عليه اسم خطبة مشتملة على حمد وذكر وتذكير.‏
ب - الجماعة، ولا خلاف في أصل هذا الشرط، وإنما الخلاف بين الفقهاء فيما يتحقق ‏به؟ على ثلاثة مذاهب مشهورة:‏
الأول: للشافعية والحنابلة: يجب أن لا يقل المجمعون عن أربعين رجلاً ممن تجب عليهم ‏الجمعة. الثاني: للمالكية: يجب أن لا يقل المجمعون عن اثنى عشر رجلاً ممن تجب عليهم ‏أيضاً.‏
الثالث: للحنفية: أنها تنعقد بالإمام وثلاثة معه.‏
وهنالك أقوال أخرى لبعض أهل العلم مذكورة في المطولات، وقد عد الحافظ ابن حجر ‏خمسة عشرة قولاً وليس لشيء منها مستند تقوم به الحجة على اشتراطه بعينه وإنما ‏المشترط حصول ما يسمى جماعة عرفاً من غير تعيين عدد معين لعدم تعيينه من الشارع ‏فيما ثبت كما نص على ذلك جمع من الأئمة.‏
ج - أن لا تتعدد الجمعة في المكان الواحد لغير حاجة أو ضرورة، وهذا مذهب الجمهور، ‏وهو الراجح لأن الجمعة شرعت لاجتماع الناس عليها حسب الإمكان فلو صلت كل ‏طائفة في مسجدها مع إمكان اجتماعهم في مسجد واحد لم يحصل المقصود منها.‏
د - اشترط الحنفية أن يكون المكان الذي تقام فيه مأذوناً فيه إذناً عاماً، بحيث يكون ‏مفتوحاً للجميع.‏
فهذه هي مجمل شروط الجمعة التي يذكرها الفقهاء، وفي بعضها خلاف. ومنهم من زاد ‏غيرها.‏
والحق أنه لا عبرة به منها إلا ما قام دليل من كتاب أو سنة أو إجماع عليه، وما سوى ‏ذلك فالجمعة فيه مثل غيرها من الصلوات.‏
والله أعلم.‏

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 10,158

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً