لا تجب الجمعة على المسافر
نحن ثلاثة سافرنا إلى بلد أوربي للعمل، ونسكن حالياً في قرية لا يوجد بها مساجد ولا مسلمون، ونعمل في مدينة تبعد عنها ثلاثة وأربعين كيلاً و بها مسجد, ويعد أهل المنطقة الانتقال بين هاتين النقطتين سفراً ويستغرق منا الانتقال من السكن إلى العمل خمسة وأربعين دقيقة أو ساعة وفيها بعض المشقة, و يدخل علينا وقت الظهر ونحن في مقر العمل ونصل إلى منازلنا مع نهاية وقت العصر, ومن المخطط أن نقيم هنا أربعة أشهر ثم ننتقل إلى بلد آخر. فهل يجوز لنا قصر الصلاة؟ وهل يجوز لنا جمع الظهر والعصر في أيام الدوام؟ وماذا عن جمع المغرب والعشاء والتي تكون حينما نكون في منازلنا غالباً ومثلها الظهر والعصر حين الإجازات؟ وماذا عن صلاة الجمعة هل تجب علينا حيث إنه تقام جمعة في مدينة عملنا ويمكننا حضورها؟ وماذا لو لم نكن في هذه المنطقة هل نسافر لها وماذا لو شق علينا حضورها ؟ وماذا عن الجماعة علماً بأن صاحبيّ يصران على جمع الصلوات وقصرها استناداً لما يقولون أنها فتوى للشيخ ابن عثيمين والتي يقولون أنها تجيز الجمع والقصر مهما طالت مدة السفر ولم أطلع على الفتوى وهي غير موجودة لديهم. أرجو التفصيل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فمذهب الجمهور أن المسافر إذا أقام فى بلد أقل من أربعة أيام جاز له الترخص برخص السفر، ومن زاد عليها فهو مقيم لا يجوز له أن يترخص لا بالجمع ولا بالقصر.
ومذهب الجمهور أن المسافة المبيحة للقصر هي أربعة برد وهى ما يساوى 83 كيلو مترا تقريبا، فمن سافر دون هذه المسافة لم يبح له الترخص برخص السفر.
وذهب بعض أهل العلم كذلك إلى أن السفر الذى يباح الترخص فيه هو ما يسمى فى عرف الناس سفرا، ولا يتقيد ذلك بمسافة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهوقول له حظ من النظر، ومذهب الجمهور هو ما قدمناه.
ومن ظهر له قوة دليل فى مسألة، أو قلد من يثق به من أهل العلم ممن يجوز تقليده فلا جناح عليه وهو مأجور إن شاء الله.
وعلى المفتى به عندنا وهو ما بيناه لك آنفا يتضح لك حكم ما سألت عنه، فإنكم إذا أقمتم ببلد أربعة أيام فصاعدا لم تترخصوا برخص السفر من القصر والجمع، وإن خرجتم منها إلى بلد غيرها وليس بينهما مسافة القصر، لم يجز لكم الترخص برخص السفر كذلك، ولا يجوز لكم الترخص إلا على الوجه الذى ذكرنا من إقامة مدة يباح فيها القصر أو السفر إلى بلد بينكم وبينه مسافة تبيح القصر.
فإذا علمت حكم قصر الصلاة مما تقدم فاعلم أن الجمع يجوز حيث يجوز القصر، وهناك حالات أخرى تبيح الجمع بين الصلاتبين سوى السفر.
فإذا وجد سبب يبيح لكم الجمع جاز الجمع وإلا فلا, وأما عن صلاة الجمعة, فإذا كان اسم السفر يصدق عليكم فليس عليكم جمعة؛ إذ الجمعه لا تجب على مسافر.
قال النووي رحمه الله: لا تجب الجمعة على المسافر، هذا مذهبنا لا خلاف فيه عندنا وحكاه ابن المنذر وغيره عن أكثر العلماء، وقال الزهري والنخعي إذا سمع نداء لزمته، قال أصحابنا: ويستحب له الجمعة للخروج من الخلاف ولأنها أكمل، هذا إذا أمكنه. انتهى.
وكذا إذا لم يكن اسم السفر يصدق عليكم ولم تكن الجمعة تقام فى البلد الذى تسكنونه ولا يمكنكم إقامة الجمعة لعدم توفر شروطها فلا تلزمكم الجمعه وإنما يكفيكم أن تصلوا ظهرا، ولا يجب عليكم أن تذهبوا إلى البلد الذى تقام فيه الجمعة.
وأما الجماعة فالذى ينبغى لكم أن تحرصوا عليها سواء صدق عليكم اسم السفر أو لا فإن كثيرا من أهل العلم يرون وجوب الجماعة على المسافر. وما ذكرته عن الشيخ العثيمين هو صحيح عنه، فقد رجح هذا القول وانتصر له فى الشرح الممتع وغيره، ولكن الراجح عندنا هو ما ذكرناه لكم.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: