ترك الخطيب الوقوف على المنبر
ما حكم ترك وقوف الخطيب على المنبر لخطبة الجمعة مع وجود منبر في المسجد؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فهاهنا أمران: أولهما القيامُ في الخُطبة. وثانيهما: كونه على المنبر، فأما القيامُ في الخطبة فالراجح وجوبه وهو قول الشافعي ومالك ورواية عن أحمد، وقد بين الموفق في المغني أدلة القولين -الوجوب والاستحباب- والقائلين بكلٍ من القولين بياناً حسناً شافياً، فقال:وقوله أي الخرقي: خطبهم قائما. يحتمل أنه أراد اشتراط القيام في الخطبة، وأنه متى خطب قاعدا لغير عذر، لم تصح. ويحتمله كلام أحمد رحمه الله.
قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يُسأل عن الخطبة قاعدا، أو يقعد في إحدى الخطبتين؟ فلم يعجبه، وقال: قال الله تعالى: وَتَرَكُوكَ قَائِمًا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما. فقال له الهيثم بن خارجة: كان عمر بن عبد العزيز يجلس في خطبته، فظهر منه إنكار.
وهذا مذهب الشافعي. وقال القاضي: يجزئه الخطبة قاعدا. وقد نص عليه أحمد وهو مذهب أبي حنيفة ; لأنه ذكر ليس من شرطه الاستقبال، فلم يجب له القيام كالأذان. ووجه الأول ما روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين وهو قائم، يفصل بينهما بجلوس. متفق عليه. وقال جابر بن سمرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما، ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة. أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
فأما إن قعد لعذر، من مرض، أو عجز عن القيام، فلا بأس، فإن الصلاة تصح من القاعد العاجز عن القيام، فالخطبة أولى.اهـ.
إذا علمت هذا وظهر لكَ رُجحان القول بوجوب القيام في الخطبة لأنه فعله المستمر صلى الله عليه وسلم، وقد قال: صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري، فاعلم أنه لا يُشترط أن يكون القيام على المنبر، ولا نعلمُ أحداً من العلماء يقولُ باشتراط المنبر للقيام عليه في خُطبة الجمعة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على الجذع قبل اتخاذ المنبر؛ كما ثبت في الصحيح، لكن ينبغي أن يُناصح هذا الإمام ويُبين له أن الأولى الوقوف على المنبر لما فيه من المصالح كالبروز للمأمومين ودفع الفتنة والخلافِ بين المصلين، وقبل ذلك لما فيه من اتباع سنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: