حكم من سلَّم قبل إتمام التشهد ثم أكمله وسلَّم
البارحة في صلاة الفجر انتقلت للسلام قبل أن أنهي التحيات، ثم عدت مرة أخرى وأكملت التحيات، ورجعت للسلام، لكنني توقعت أن صلاتي بطلت بذلك، فهل تعتبر صلاتي باطلة؟ وقد فعلت مثل ذلك في صلوات أخرى، ولا أتذكر عددها، لكنني لم أنتبه إلى أنني قد أخطأت فهل أعيد تلك الصلوات؟ وكيف أعرف عددها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فمن نسي التشهد وسلم ناسيًا، ثم رجع إليه لم تبطل صلاته، ولكن يشرع له سجود السهو، والتشهد ركن.
وأما قولك: "وقد فعلت مثل ذلك في صلوات أخرى، ولا أتذكر عددها، لكنني لم أنتبه إلى أنني قد أخطأت، فهل أعيد تلك الصلوات؟" سبق أن العودة إلى التشهد واجبة، فلا تبطل بها الصلاة، وعليه فلا إعادة عليك.
وقد فُهم من عبارتك، تكرر ذلك، وكثرته فننبه هنا على أن الشكوك إذا كثرت فلا عبرة بها، قال الخرشي المالكي: وَإِذَا كَثُرَ الشَّكُّ لَهِيَ عَنْهُ.
وقال النفراوي في الفواكه الدواني: وَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ) أَيْ: كَثُرَ (الشَّكُّ فِي السَّهْوِ) فِي الصَّلَاةِ (فَلْيَلْهَ عَنْهُ) أَيْ: يُعْرِضْ عَنْهُ وُجُوبًا (وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ)؛ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّيْطَانِ, وَدَاؤُهُ كَالنَّفَسِ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ، وَمُخَالَفَتُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَنْكَحِ يُصْلِحُ وَيَسْجُدُ، فَلَوْ بَنَى الْمُسْتَنْكَحُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَمْ يَلْهَ عَنْهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ عَامِدًا كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ خَلِيلٍ. انتهى
وقال البهوتي الحنبلي في شرح منتهى الإرادات: وَ(لَا) يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ (إذَا كَثُرَ) الشَّكُّ (حَتَّى صَارَ كَوَسْوَاسٍ) لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ، فَيَقْضِي الزِّيَادَةَ فِي الصَّلَاةِ، مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا، فَلَزِمَهُ طَرْحُهُ وَاللَّهْوُ عَنْهُ.
فإذا سلمت وشككت هل أتيت بالتشهد أم لا، وتكرر معك الشك في صلوات كثيرة فلا تلتفتي للشك، ولا تعودي للتشهد.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: