تارك الصلاة الحديث العهد بالإسلام
هل تجزى الزوجة على صبرها على زوجها الذي لا يصلي أم تأثم؟ وهل عليها أن تحدد له مدة معينة مع العلم أنها مستعدة للصبر عليه إلى أن يهديه الله تعالى طمعا في مزيد من الأجر؟ ثم هل هناك فرق في الحكم في هذا الأمر بين الزوج الذي ولد لأبوين مسلمين في بلد إسلامي وبين من هو حديث عهد بالإسلام ويعيش في بيئة غير إسلامية؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن تارك الصلاة لا يخلو من أن يتركها جحودا لوجوبها وهذا كفر باتفاق العلماء، أو يتركها تكاسلا عنها مع إقراره بوجوبها وهذا محل خلاف، والجمهور على أنه لا يكفر، والحنابلة يقولون بكفره.
وعليه.. فإذا كان الرجل المذكور يترك الصلاة جحودا لوجوبها فلا يجوز للأخت السائلة البقاء تحته ولا انتظاره لأنه خرج عن الملة بسبب تركه الصلاة على وجه الجحود والإنكار، والزوج إذا ارتد لا يحل لزوجته البقاء معه كزوجة وذلك لاتفاق العلماء، على أن تارك الصلاة جحودا لوجوبها يعتبر كافرا والعياذ بالله تعالى؛ إلا أن يكون جاهلا لحكمها وهو ممن يتأتى في حقه جهل حكمها مثل حديث العهد بالإسلام أو الناشئ في البادية بعيدا عن العلماء، لكن هذا الذي يعذر بالجهل هنا لا يترك لحاله بل يعلم ويبين له حكم الصلاة، فإن أقر وصلى وإلا لم يعذر بالجهل بعد العلم بالحكم ، ولا فرق في هذا بين من ولد لأبوين مسلمين وغيره، وفي حالة عدم كفر الزوج فإن للزوجة أن تبقى معه ولها في إصلاحه الأجر الكثير.
ولمزيد من التفصيل نقول: قال ابن قدامة في المغني: و َجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو ; إمَّا أَنْ يَكُونَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا، أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَ جَاحِدًا لِوُجُوبِهَا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ، وَهُوَ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالْحَدِيثِ الْإِسْلَامِ، وَالنَّاشِئِ بِبَادِيَةٍ، عُرِّفَ وُجُوبَهَا، وَعُلِّمَ ذَلِكَ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَجْهَلُ ذَلِكَ، كَالنَّاشِئِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، لَمْ يُعْذَرْ، وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ادِّعَاءُ الْجَهْلِ، وَحُكِمَ بِكُفْرِهِ ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ الْوُجُوبِ ظَاهِرَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، فَلَا يَخْفَى وُجُوبُهَا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا تَكْذِيبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَهَذَا يَصِيرُ مُرْتَدًّا عَنْ الْإِسْلَامِ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ، فِي الِاسْتِتَابَةِ وَالْقَتْلِ، وَلَا أَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا. انتهى.
وأما إن كان يتركها تكاسلا مع الإيمان بها فقد اختلف أهل العلم في حكمه فمنهم من ذهب إلى أنه كافر والعياذ بالله تعالى، وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفر بل هو فاسق مرتكب لكبيرة من أعظم الكبائر.
للأخت السائلة أن تصبر على زوجها وتستمر في نصحه وأمره بتقوى الله تعالى وأداء الصلاة التي هي أهم العبادات بعد الشهادتين، وتبين له مكانة الصلاة في الإسلام حتى يهديه الله تعالى.
والله أعلم
- التصنيف:
- المصدر: