عمل الحرام تحت تأثير السِّحْر
هل يُعَدُّ مُذْنِبًا مَن استُكْرِه عمدًا عن طريق السِّحْر للقيام بمحرَّم ما؟
مع العلم أنَّ هذا السِّحر أضرَّ به إلى حدٍّ لا يُطاق، ومع أنَّه لم تنفعْه الرقية الشَّرعيَّة إلى حدِّ الآن.
أفيدونا بارك الله فيكم.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فمعلومٌ أنَّ للسِّحْر أثرًا على الإنسان؛ كما قال الله - تعالى -: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 102].
وفي الصَّحيحين عن عائشة: "سحر رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - رجلٌ من بني زريق، يُقال له: لبيد بن الأعْصم، حتَّى كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُخيَّل إليه أنه يفعل الشَّيء وما فعله".
وبحسب شدَّة السِّحْر وقوَّته يكون أثره على الإنسان، فربَّما فعل المسْحور بسبب السِّحْر الفعلَ المحرَّم، ولا إرادة له في فعله، فيُشْبِه في هذه الحالة المكرَه على الفعل، وقد تَجاوَز الله - سبحانَه - عن المكره؛ كما جاءَ في الحديثِ: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: « »؛ رواه ابنُ ماجه عن ابن عبَّاس، ولقولِه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « » - وفي رواية: « (وفي لفظ: ) » وفي رواية: ((حتَّى يحتلم))؛ رواه أحمد، وأبو داود، والنَّسائي، عن عائشة - رضي الله عنها.
فلا يؤاخَذ المسْحور حينئذٍ، ويكون وِزْر فعلِه للمحرَّم على مَن عمِل له السِّحْر، لا عليه.
وأمَّا إن كان فعلُه للمحرَّم وقع بإرادتِه ودون تأثيرٍ من السِّحْر، فإنَّه يؤاخذ على ذلك، ويُحاسب به.
أمَّا كوْن الرقْية الشَّرعية لم تنفعْه، فغير صحيح؛ لأنَّ الرقْية الشَّرعيَّة فيها كفاية عمَّا سواها، ولكن لابدَّ من المداومة عليها، إلى أن يأْذَن الله بالشّفاء،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: