أقوال العلماء في الصلاة في المقبرة
مسجد يتوسط مقبرة وبين القبور مسالك ضيقة لعبور الناس من وإلى المسجد وقد اضطررت للصلاة فيه صلاة المغرب لضيق الوقت أولا ولعدم قرب أي مسجد آخر فما حكم الصلاة فيه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالصلاة عند القبور واتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها كل ذلك لا يجوز، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أشد النهي.
ومن صلى في مقبرة، فعليه التوبة والاستغفار، ولا يلزمه إعادة الصلاة في قول أكثر أهل العلم منهم الحنفية والمالكية والشافعية وهو رواية عن أحمد.
قال الإمام النووي في المجموع (3/166): أما حكم المسألة، فإن تحقق أن المقبرة منبوشة لم تصح صلاته فيها بلا خلاف إذا لم يبسط تحته شيء، وإن تحقق عدم نبشها صحت بلا خلاف وهي مكروهة كراهة تنزيه، وإن شك في نبشها فقولان، أصحهما: تصح الصلاة مع الكراهة، والثاني: لا تصح. ثم قال الإمام النووي أيضاً: فرع في مذاهب العلماء في الصلاة في المقبرة، قد ذكرنا مذهبنا فيها وأنها ثلاثة أقسام.
قال ابن المنذر: روينا عن علي وابن عباس وابن عمر وعطاء والنخعي أنهم كرهوا الصلاة في المقبرة، ولم يكرهها أبو هريرة وواثلة بن الأسقع والحسن البصري، وعن مالك روايتان أشهرهما: لا يكره، ما لم يعلم نجاستها.
وقال أحمد: الصلاة فيها حرام، وفي صحتها روايتان؛ وإن تحقق طهارتها.
ونقل صاحب الحاوي عن داود أنه قال: تصح الصلاة؛ وإن تحقق نبشها.
وقال ابن قدامة رحمه الله: وعن أحمد رواية أخرى أن الصلاة في هذه صحيحة ما لم تكن نجسة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي. ا.هـ
قال الإمام الشافعي -رحمه الله- في الأم (1/113): المقبرة: الموضع الذي يقبر فيها العامة، وذلك كما وصَفتُ مختلطة بالتراب بالموتى، وأما صحراء لم يقبر فيها قط قبر فيها قوم مات لهم ميت ثم لم يحرك القبر، فلو صلى رجل إلى جنب ذلك القبر أو فوقه كرهته له، ولم آمره يعيد لأن العلم يحيط بأن التراب طاهر لم يختلط فيه شيء.
والمذهب المعتمد عند الحنابلة هو أن الصلاة في المقبرة لا تصح، قال المرداوي في الإنصاف: (ولا تصح الصلاة في المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل. هذا المذهب. وعليه الأصحاب. قال في الفروع : هو أشهر وأصح في المذهب، قال المصنف وغيره : هذا ظاهر المذهب، وهو من المفردات) انتهى. ويدل لمذهبهم ما رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام". تنبيه: إذا قال النووي في المجموع: (بلا خلاف) فليس مراده - بالضرورة- الإجماع، بل قد يكون مراده أنه لا خلاف بين الشافعية في هذه، فالقصد هو نفي الخلاف داخل المذهب، وليس نفي الخلاف خارجه، وإنما نبهنا على هذا لأن بعض طلبة العلم في هذه الأزمان قد زلت أقدامهم في هذه المسألة، فنسبوا إلى النووي إجماعات لم يقل بها.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: