الميراث من دية شركة التأمين

منذ 2015-06-05
السؤال:

بسم الله الرَّحمن الرحيم، والصَّلاة على سيِّدنا محمَّد صاحب الكلِمة الطيبة، وعلى آله وصحابته أجمعين.

موضوعي هذا أريد الإجابة عليْه فقط بالقُرآن والسنَّة.

توفِّيت زوْجة أخي بالدِّيار الكنديَّة في حادث سير، تقاضى أخِي من عند شرِكة التَّأمين مبلغًا من المال هو وأوْلاده.

وسؤالي كالتَّالي: هل المبلغ يدخُل في الميراث؟ وهل والدا المتوفَّاة لهما الحقّ في الميراث من هذا المبلغ حسَب القُرآن والسنَّة، وليس الاجتهاد والفتوى؟

إذا كان نعم، فما هي النصوص؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فمعلوم أنَّ شركات التَّأمين تقوم مقامَ الجاني في دفْع الدِّية، أو التَّعويض في حوادث السير، وفي هذه الحال: يَجوز لوليِّ القتيل أخْذ الدِّية، أو التَّعويض من الشَّركة؛ لأنَّ مستحقِّي الدِّية ليس لهم إلاَّ أخْذ المال من أيِّ جهة تتولَّى دفعَه لمستحقِّيها.

والدِّية موروثة كسائر أمْوال الميت حسَب الفرائض المقدَّرة شرعًا في تركتِه، فيأخذ منها كلٌّ من الورثة - الرِّجال والنِّساء - نصيبَه المقدر له، فالدِّية تدخُل في ملك الورثة ابتداءًا؛ لأنَّها تستحق بعد الموت، وبالموْت تزول أملاك الميت الثَّابتة له، ويثبت المِلْك لورثته.

وهو قوْل أكثر أهل العلم، واختُلِفَ عن عليٍّ رضي الله عنه، فروي عنه مثل قول الجمهور، وروي عنْه: لا يرثها إلا عَصباتُه الَّذين يعقلون عنْه، وروي عن عمر، ولم يصح عنه.

قال ابن قدامة في "المغني": "ودية المقتول موروثة عنه كسائر أمواله، إلا أنه اختُلِفَ فيه عن عليّ، فروي عنه مثل قول الجماعة، وعنه: لا يرثها إلا عصباته الذين يعقلون عنه. وكان عمر يذهب إلى هذا، ثم رجع عنه لما بلغه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - توريث المرأة من دية زوجها، قال سعيد: حدثنا سفيان، حدثنا الزهري، سمع سعيد بن المسيب يقول: كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول: الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئًا، فقال له الضحَّاك الكلابي: كتب إليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن أورِّث امرأة أشيم الضّبابي من دية زوجها أشيم". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

وروى الإمام أحمد بإسناده، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قضى: أنَّ العقل ميراثٌ بين ورثة القتيل على فرائضهم. وبإسناده عن ابن عبَّاس: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «المرأة ترِث من مالِ زوْجِها وعقْله، ويرث هو من مالها وعقلها، ما لم يقتل واحدٌ منهما صاحبه»، إلاَّ أنَّ في إسناده رجلاً مجهولاً.

وقال إبراهيم: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «الدية على الميراث، والعقل على العصبة».

وقال أبو ثور: هي على الميراث، ولا تقضى منها ديونه، ولا تنفذ منها وصاياه، وعن أحمد نحو من هذا". أهـ. كلام ابن قدامة.

وراجع على موقِعِنا الفتويين: "أنصبة ميراث الدية"،  "عفو الزوجة عن القصاص".

وممَّا سبق يتبيَّن: أنَّ والدَي زوجة أخيك لهما ميراثٌ شرعي من دية ابنتهم - زوجة أخيك - إن كانا مسلِمَين، فيأخذ كلُّ واحدٍ منهما السدُس؛ قال تعالى: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِما تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 11]،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 16,207

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً