أخذ قرض للوالد
فضيلة الشيخ، أنا أعمل موَظَّفة مِن حوالي 8 سنوات، ومِن حوالي سنتين أو أكثر أراد أبِي أنْ يأخذَ سُلفةً على راتبي، وأنا أرفض كثيرًا لِخَوْفي الشَّديد مِن الله؛ لأنَّ - حسب علْمي - السُّلفة حرامٌ، ولكن أبِي يُلِحُّ عليَّ إلحاحًا شديدًا لأوافق على هذه السُّلفة، وأنا أخاف الله، ولا أريد أنْ أغضبَ أبي منِّي.
أرجو مِن حضرتكم الإفتاء لي في ذلك، وبأسرع وقت ممكن للأهمية.
ولكم منِّي جزيل الشُّكر.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رَسُول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فإنْ كانت الجهة التي تعمَلينَ بها تأخُذ فائدةً على هذه السُّلفة، فلا يجوز أخْذ تلك السلفة بحالٍ؛ لأنَّها مِن ربا الديون المُجمَع على تحريمِه؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 278]، وقد لَعَنَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الرِّبا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: « »؛ رواه مسلم.
وقد بَيَّنَّا ذلك في الفتاوى: "هل القرض يعتبر ربا أو لا؟"، و"قرض ربوي"، و"هل القروض الرِّبَويَّة حلال في هذه الظروف؟".
وأمْر والدك لكِ بأخْذ هذه السلفة، لا يُبيح التورُّط في هذه المعصية الكبيرة، المتُوعد فاعلها بالحرب من الله ورسوله؛ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: «البخاري.
»؛ رواهولو أَصَرَّ والدُك على ذلك، فلا يجوز لك طاعته، وراجعي الفتوى: "أبي يأمرني بِنَزْع الحجاب، ومحادة رب الأرباب".
أما إنْ كانت جهة عملك سوف تقرضك ذلك المبلغ من غير زيادةٍ على أصْل القرْض، فهذا جائز، ولا حرَج عليكِ في ذلك؛ لأن هذا من باب القرْض الحسَن، والقرْضُ في أصْلِه مباحٌ؛ فقد اقترضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومات ودرعه مرهونة في أصوع شعير لأهله.
قال ابن قُدامة في "المغني": "والقرْضُ منْدُوب إليه في حقِّ المقرِض، مُباح للمقترض؛ لما روينا من الأحاديث، ولِمَا روى أبو هريرة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «
».وقال أبو الدَّرْداء: "لأن أقرض دينارَين ثم يردّان ثُم أقرضهما، أحب إليَّ مِنْ أن أَتَصَدَّق بهما"، ولأنَّ فيه تفريجًا عن أخيه المسلم، فكان منْدوبًا إليه كالصدَقة عليه، وليس بواجبٍ؛ قال أحمد: "لا إثْم على من سُئِل القرْض فلم يُقرض". اهـ،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: