مراجعة الزوجة بالهاتف
كيف يراجع الزوج زوجته وهو في بلد آخر، وليس لديه شاهدان، لتواجده في بلد غير مسلم؛ هل يجوز أن يراجعها عن طريق الهاتف؟ وهل يمكن أن تأتي هي بالشاهدين؛ يعني: الزوجة والشاهدان في بلد، والزوج في بلد آخر، وأن تتم المراجعة بالهاتف؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإذا كانَ الطلاقُ الذي أوقعْتَ رجعيًّا، بأن كانَ الأولَ أو الثانيَ، وكانَ ارتجاعُكَ لزوجَتِكَ قبلَ انقضاءِ عِدَّتِها، فإنَّهُ يجوزُ لكَ ردُّها عن طريقِ الهاتفِ بالكلامِ، أو بالمراسلةِ، ويُستَحَبُّ أن تُشهِدَ على إرجاعِها؛ لقولِهِ – تعالى -: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [سورة الطلاق الآية: 2].
قالَ ابنُ قدامةَ في "المغني" (ج 17 / ص 72):
"فأمَّا القولُ، فتحصُلُ به الرجعةُ، بغيرِ خلافٍ. وألفاظُهُ: راجعتُكِ، وارتجعتُكِ، ورددتُكِ، وأمسكتُكِ؛ لأن هذه الألفاظَ وَرَدَ بها الكتابُ والسنةُ، فالردُّ والإمساكُ، وَرَدَ بهما الكتابُ بقولِهِ - سبحانه -: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ}. وقالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، يعني: الرجعةَ. والرجعةُ وَرَدَتْ بها السنةُ بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: « ». وقد اشتَهَرَ هذا الاسمُ فيها بينَ أهلِ العُرْفِ، كاشتِهارِ اسمِ الطلاقِ فيهِ، فإنَّهم يسمُّونها رجعةً، والمرأةُ رجعيةً. ويتخرَّجُ أن يكونَ لفظُها هو الصريحَ وحدَه؛ لاشتِهَارِهِ دونَ غيرِهِ، كقولِنا في صريحِ الطلاقِ، والاحتياطُ: أن يقولَ: راجعْتُ امرأتي إلى نكاحي، أو زوجتي، أو راجعتُها لما وَقَعَ عليها من طلاقِي". اهـ.
أمَّا إذا كانتْ قد انقضَتْ عِدَّتُها، فلمْ يكُنْ لكَ ارتجاعُها، إلَّا بعدَ عَقْدٍ جديدٍ تتوافَرُ فيهِ كلُّ شروطِ صحةِ النِّكاحِ.
وعليه؛ فالرجعة تحصل بالمراسلة – الكتابة - أو بالقول، كأن يقول الرجل لمطلقته: راجعتك إلى نكاحي، أو رددتك، أو ما يقوم مقام ذلك من الألفاظ التي تدل على الرجعة.
أو بالفعل: بأن يجامعها، أو يقبلها، بنية الرجعة.
أما الإشهاد فليس شرطًا في ثبوت الرجعة؛ كما هو قول أكثر أهل العلم. قال الشوكاني في "نيل الأوطار" (10 / 304):
"ومن الأدلة على عدم الوجوب: أنه قد وقع الإجماع على عدم وجوب الإشهاد في الطلاق؛ كما حكاه المورعي في "تيسير البيان" والرجعة قرينته، فلا يجب فيها؛ كما لا يجب فيه".اهـ.
- التصنيف:
- المصدر: