تحريم المخطوبة قبل العقد

منذ 2016-07-24
السؤال:

أنا خاطب، وخطيبتي كانت معتادة الرقص في مناسبات عائلتها، مثل: الأفراح، وما إلى ذلك - كما جرت العادة في الأفراح - من رقص أقارب العرسان، ونحو ذلك، ولكنني قد نهيتها عن ذلك، فعادت مرة أخرى ورقصت، فأقسمتُ، وقلتُ: "لو رقصتِ مرةً ثانيةً حتى لو بينك وبين نفسك، تَبقَيْنَ محرمةً عليَّ"، وهذا كان من شدة غضبي.

فالآن أنا خائف من هذا القسم، وما حكمه؟ وهل يجوز أصلًا أن أقسم عليها وهى ليست زوجتي أصلًا؟

رجاء سرعة الرد، وإخباري ماذا أفعل.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فإن كنت قد نويت بتحريم خطيبتك طلاقًا، أو ظهارًا، فإنهما لا ينعقدان، ولا يقع شيء منهما؛ لأن الخاطِبَ لا يزال أجنبيًّا عن مخطوبته ما لم يتم العقد عليها، فلا يجوز له الخلوة بها، ولا مصافحتها، ولا الخروج معها.

فلا يترتب على التحريم في تلك الحال شيء؛ لأنه لا يملك الطلاق ولا الظهار إلا الزوج؛ لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك»؛ رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح".

قال في "عون المعبود" (5 / 74): "أي: لا صحة له، وقد وقع الإجماع على أنه لا يقع الطلاق الناجز على الأجنبية".

قال ابن حجر في "فتح الباري" (15 / 97):

"قوله: باب لا طلاق قبل نكاح، وقول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب:49]، وقال ابن عباس: جعل الله الطلاق بعد النكاح". اهـ.

قال علماء اللجنة الدائمة (20 / 240):

"الطلاق قبل العقد لا يقع؛ لأنه لا يصح إلا من زوج، والخاطب الذي لم يعقد النكاح ليس زوجًا، فلا يصح طلاقه ولا يقع؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق»، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا طلاق إلا بعد نكاح»". انتهى.

وقال - تعالى -: «وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ» [المجادلة: 3]؛ أي: زوجاتهم.

ولكن كون تلك اللفظة لا يقع بها الطلاق، لا يعني أنها مباحة، أو لا يترتب عليها شيء، وإنما يلزمك كفارة يمين؛ كما نصت عليه اللجنة الدائمة، لما سئلت عن رجل حرم مخطوبته قبل العقد، فأجابت:

"لا تأثير لهذا التحريم في عقد الزواج؛ لوقوعه قبله، ولا تلزمه به كفارة ظهار؛ لحصوله قبل أن تكون هذه البنت المخطوبة زوجة لمن حرمها على نفسه، وإنما تلزم به كفارة يمين؛ لقوله – تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ * لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} [المائدة: 87 - 89]، وقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم:1, 2].

فعلى من حصل منه ذلك التحريم، أن يُطعِم عشرة مساكين، من أوسط ما يطعم أهله؛ يُعطي كل مسكين من العشرة نصف صاع من بُر، أو تمر، أو أرز، أو نحو ذلك، أو يكسو عشرة مساكين، أو يعتق رقبة، فإن لم يجد، صام ثلاثة أيام متتابعة. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم".

وننبه السائل إلى أن العلماء قد اتفقوا على تَحريم الرَّقص إذا صاحبَه أمر محرَّم؛ كالاختِلاط، أو شرْب الخَمر، أو كشْف العوْرة، أو الموسيقى، ونحو ذلك، ولذا؛ يجب عليك إلزام خطيبتك بالكف عن ذلك،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 7
  • 0
  • 58,745

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً