القرين

منذ 2019-02-19
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. عايز اعرف إزاي اتغلب على قريني واخليه يسلم ويرشدني لفعل ما يرضي ربي والابتعاد عن ما يعصيه...وهل فعل هذا غير الرسول صل الله عليه وسلم أم انفرد بهذا فقط

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فما يسأل عنه الأخ الكريم هو محض سوسة من الشيطان الرجيم؛ فليس أحد معصومًا كالرسول - صلى الله عليه وسلم -  فالشيطان يعتري جميع بني حتى الصديق الأكبر رضي الله عنه فقد صحّ عنه أنه قال على المنبر: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتصم بالوحي، وإن لي شيطانًا يعتريني، فإن استقمت فأعينوني، وإن زغت فقوموني".

 وهذا حق فسلف الأمة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين يقولون: إن الشياطين توسوس في نفوس بني ادم العقائد الفاسدة، واتباع الهوى؛ وفي الصحيحين عن صفية أم المؤمنين أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة، مر رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: "على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، وكَبُر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا".

وفي الصحيح عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد، إلا وقد وُكِّلَ به قرينه من الجن" قالوا: وإياك؟ يا رسول الله قال: "وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير"

يعني: استسلم وانقاد لي، وليس معناه حتى أسلم أنا، أو أن الشيطان صار مؤمنًا.

 وفي الصحيح أيضًا عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لها: "أقد جاءك شيطانك"، قالت: يا رسول الله أو معي شيطان؟ قال: "نعم"، قلت: ومع كل إنسان؟ قال: "نعم" قلت: ومعك يا رسول الله؟ قال: "نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم".

وقال نبي الله موسى عليه السلام لما قتل القبطي: {هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ } [القصص: 15]، وذكر الله في قصة آدم وحواء {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} [البقرة: 36] وقال: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: 20]

قال شيخ الإسلام في كتابه "النبوات"(2/ 1063):

" ..لكن الشياطين تؤيد الكذّاب، والملائكة تؤيِّد الصدق، والتأييد بحسب الإيمان، فمن كان أقوى من غيره، كان جنده من الملائكة أقوى، وإن كان إيمانه ضعيفًا كانت ملائكته بحسب ذلك؛ كمَلَك الإنسان وشيطانه... فإذا كانت حسنات الإنسان أقوى، أُيِّدَ بالملائكة تأييداً يقهر به الشيطان، وإن كانت سيئاته أقوى، كان جند الشيطان معه أقوى، وقد يلتقي شيطان المؤمن بشيطان الكافر؛ فشيطان المؤمن مهزول ضعيف، وشيطان الكافر سمين قوي

الإنسان بفجوره يؤيد شيطانه على ملكه وبصلاحه يؤيده ملكه على شيطانه

فكما أن الإنسان بفجوره يؤيد شيطانه على مَلَكه، وبصلاحه يؤيد ملكه على شيطانه، فكذلك الشخصان يغلب أحدهما الآخر؛ لأنّ الآخر لم يؤيد مَلَكَه، فلم يؤيده، أو ضعف عنه؛ لأنّه ليس معه إيمان يعينه؛ كالرجل الصالح إذا كان ابنه فاجراً، لم يمكنه الدفع عنه لفجوره" اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فالشيطان لا يسلم، ولا يأمر أحدًا بخير، ولا يكف شره إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، فهو له  خاضع ذليل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم "إلا أن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير"، أما جميع الخلق فلا يسلمون من وساوس الشيطان، ومن ثم نحن جميعًا مفتقرون إلى الله تعالى ليعيذنا من شر الشيطان وشركه.

فاستعن بالله تعالى وأكثر من قراءة القرآن بتدبر، وواظب على قراءة الأذكار،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 8
  • 0
  • 21,568

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً