تخيل نعم الله أثناء الصلاة
لا يجوز تخيل نعم الله داخل الصلاة، وإنما يتدبر في معاني القرآن والأذكار وغيرها من أمور الصلاة.
السلام عليكم هل يجوز تخيل نعم الله من خيراث مثل الطبيعة و الجبال و ما خلق من الكائنات اثناء الصلاة حتى لا يسهو علي في امور اخرى وجزاكم الله خير
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن الله تعالى فرض على عباده الصلاة خضوعًا لجلاله، وخشوعًا لعظمته، وتواضعًا لكبريائه، فليس في الشريعة عمل أفضل من الصلاة ولا يوازيها؛ ففي المسند عن أبي ذر، قلت: يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: "خير موضوع، استكثر أو استقل".
ولما مدح الله عباده المؤمنين بدأ بذكر الصلاة قبل كل عمل؛ فقال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1، 2]، فمدحهم في أول نعتهم بالخشوع فيها، ثم أعاد ذكرهم إعظامًا لقدرها في القربة إليه، ولما أعد للقائمين بها المحافظين عليها من جزيل الثواب، ونعيم المآب، فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المؤمنون: 9].
إذا عُلم هذا؛ فلا يجوز التأمل ولا التفكير في أي شيء داخل الصلاة، حتى ولو كان في نعم الله؛ فالمسلم مطالب أن يكف لسانه وقلبة وجوارحه إلا عن الصلاة؛ قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، القنوت هو دوام الطاعة، والمشتغل بفكره في غيرها تارك للاشتغال بالصلاة التي هي عبادة الله وطاعته فلا يكون مداومًا على طاعته.
وروى البخاري عن عبد الله، قال: كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي، فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي وقال: "إن في الصلاة لشغلًا»"، فأخبر أن في الصلاة ما يشغل المصلي عن كل شيء سواها، وهذا هو القنوت فيها وهو دوام الطاعة.
أيضًا فإن المصلي يتدبر فيما يقرأ من قرآن، فلا يشغل القلب بغير التدبر والخشوع، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15].
أيضًا فإن الانشغال بمثل هذا أو غير في الصلاة، هو من تلبيس الشيطان ليصرف المصلي بالمفضول عن الفاضل، وقد نبه الإمام ابن القيم على العقبات السبع للشيطان حتى يظفر بالمسلم، وبين أن بعضها أصعب من بعض، وأنه لا ينزل منه من العقبة الشاقة إلى ما دونها إلا إذا عجز عن الظفر به فيها، ثم قال "مدارج السالكين" (1/ 240):
"العقبة السادسة: وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات، فأمره بها، وحسنها في عينه، وزينها له، وأراه ما فيها من الفضل والربح، ليشغله بها عما هو أفضل منها، وأعظم كسبًا وربحًا، لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب، طمع في تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل، وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضى له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد في العالم، والأكثرون قد ظفر بهم في العقبات الأول، فإن نجا منها بفقه في الأعمال ومراتبها عند الله، ومنازلها في الفضل، ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ورئيسها ومرؤوسها، وسيدها ومسودها، فإن في الأعمال والأقوال سيدًا ومسوداً، ورئيسًا ومرؤوسًا، وذروة وما دونها،
ولا يقطع هذه العقبة إلا أهل البصائر والصدق من أولي العلم، السائرين على جادة التوفيق، قد أنزلوا الأعمال منازلها، وأعطوا كل ذي حق حقه". اهـ.
وعليه؛ فلا يجوز تخيل نعم الله داخل الصلاة، وإنما يتدبر في معاني القرآن والأذكار وغيرها من أمور الصلاة،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: