ما هو الأفضل الجهر بالدعاء أم الإسرار به
قال رسول الله ﷺ: أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، فإنكم تدعون سميعاً قريباً، وهو معكم، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. والله سبحانه وتعالى قريب مجيب»
ما هو الأفضل في الدعاء؟ الإسرار به أم الجهر؟ وهل هو المراد بقوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}؟
إذا كان الإنسان يدعو لنفسه ولغيره فإنه يجهر بالدعاء، كدعاء الإمام في القنوت، فإنه يجهر به لأنه يدعو لنفسه ولغيره، وكذلك يأتي به بصيغة الجمع فيقول مثلا: اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت. ولا يقول اللهم اهدني فيمن هديت؛ لأنه إذا خص نفسه بالدعاء وهم يستمعون ويؤمِّنون فإن هذا من الخيانة؛ ذلك لأن الدعاء إذا كان لنفسك ولغيرك فهو دعاء مشترك، فتخصيص نفسك به نوع من الخيانة.
فعلى هذا نقول: إذا كان الدعاء مما هو مشترك للداع ولغيره فإنه يجهر به، ولكن الدعاء المشترك الذي للداع ولغيره موقوف على ما ورد به الشرع، فلا يجوز إحداث أدعية جماعية بدون ورود الشرع بها؛ لأن إحداث مثل هذه الأمور من البدع التي ينهى عنها.
أما إذا كان الإنسان يدعو لنفسه فهذا محل تفصيل: إن كان في صلاة فإنه لا يجهر به؛ لأن ذلك إن كان في صلاة الجماعة فإنه لا يجهر به؛ لأن ذلك يشوش على من حولهم؛ ولهذا تجد بعض المأمومين يجهرون بما يدعون الله به إما بين السجدتين وإما في السجود وإما في التشهد، وهذا لا ينبغي منهم، فقد خرج النبي عليه الصلاة والسلام على أصحابه يوماً وهم يصلون ويجهرون بالقرآن فنهاهم أن يجهر بعضهم على بعض.
أما إذا كان الإنسان يدعو لنفسه وليس حوله أحد فإنه ينظر ما هو أصلح لقلبه؛ إن كان الأصلح أن يسر أسر، وإن كان أصلح أن يجهر جهر. لكن في حال جهره لا ينبغي أن يشق على نفسه، فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه وقد رفعوا أصواتهم بالذكر: «أيها الناس، أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، فإنكم تدعون سميعاً قريباً، وهو معكم، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته. والله سبحانه وتعالى قريب مجيب» .
محمد بن صالح العثيمين
كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: