حكم الضحك على الاستهزاء بغير قصد
كنت اتكلم مع اصدقائي عن مرض الكورونا فذكرنا انه تم تأجيل تصوير لمسلسل عن الشياطين و الملائكة و سمعنا انهم سيأتون برجل داكن البشرة ليمثل دور الله فقال صديقي من ناحية السخرية كيف ليس لدى الشياطين المناعة من هذا المرض؟ و كيف ليس لدى هذا الاسمر(قاصد الله في المسلسل) مناعة؟ فضحكت انا من غير تفكير بعدها احسست بذنب عظيم فما حكم ما فعلت؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد أجمع أهل العلم على كفر من استهزأ بالله أو بآياته أو برسوله، وأن كل من تنقص بالدين جادًا أو هازلاً فقد كفر، وأنه ينافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده، وينافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك؛ قال الله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ* وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة: 64 - 66].
وقال ابن نجيم: "إن من تكلم بكلمة الكفر هازلاً أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده".
والواجب على من وقع في ذلك الجرم الكبير أن يسارع إلى التَّوبة والاستغفار والندم والعزم على عدم العود، وينطق الشهادتين، فتوبة المرتد بالرجوع إلى الإسلام بالتلفظ بالشهادتين مع الندم على ما مضى منه، والعزم الصادق أن لا يعود.
ولا يحل التواجدفي نفس المكان، إلا مع الإنكار عليه، فإن لم يستجب يجب مغادرة المكان، فإنكار هذا المنكر العظيم واجب؛ قال تعالى: { وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } [النساء: 140].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله في "تفسيره": "أي إنكم إذا ارتكبتم النهي بعد وصوله إليكم، ورضيتم بالجلوس معهم في المكان الذي يكفر فيه بآيات الله، ويستهزأ وينتقص بها، وأقررتموهم على ذلك- فقد شاركتموهم في الذي هم فيه، فلهذا قال تعالى: {إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ}، في المأثم". اهــ.
وأما الضحك من غير تفكير، فليس كفرًا، لأن الذي يظهر أنه عن غير رضا، بشرط كراهة الاستهزاء ولم يكن عن رضا لما يقول، وإنما يهجم الضحك رغما عنك، وإن كان صاحبه لا يسلم من الجرم لتواجده في مجلس كفر دون إنكار.
فالواجب التوبة النصوح،، والله أعلم.
- المصدر: