هل يجوز تأليف الأدعية بيني وبين الله؟

منذ 2020-05-30

إذا تقرر هذا فصياغة الأدعية بالصورة المذكورة وغيرها، لا شيء فيه بشرط ألا يتضمن معاني محرَّمة من المشار إليها.

السؤال:

فضيلة الشيخ أحيانا أشكو من هم وغم وكرب يلازمني فألف أدعية او اخذها من الأنترنت مثل هذا الدعاء اللهم أجعلني أتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغيرها في نفسي أو يارب أعتصمت بك فنجني من العذاب مثل الله إذا كتب في آيته أدعوني استجب لكم فهل هذه التأليف بدعة ؟ وشكرا

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:

فإن الدعاء من أعظم العبادة وهو مشروع في جميع الأوقات بما ورد في القرآن والسنة وبما لم يرد، من مصالح الدنيا والآخرة، فيقبل على الله تعالى ويلحّ عليه سبحانه في طلب حاجته، والله تعالى جعل ذلك ألفاظ الدعاء لاختيار العبد ومشيئته وإعجابه؛ فقال سبحانه: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32]، ورى النسائي من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قال: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه يدعو به"، يعني بعد التشهد الأخير، فخيره صلى الله عليه وسلم في الدعاء بما شاء من الأدعية ووكل الأمر في ذلك إلى ما يعجبه منها، وإذا كان هذا جائز في الصلاة ففي غيرها أولى وأحرى؛ لأن الصلاة يحرم فيها كلام الناس؛ ففي الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن".

وروى أبو داود أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لرجل: "كيف تقول في الصلاة؟" قالَ: أتشهد، ثُمَّ أقول: اللهمّ إني أسألك الجنة، وأعوذُ بك من النار، أما إني لا أحسنُ دندنتك ولا دندنة معاذ، قالَ النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "حولها ندندن"، والحديث ظاهر في جواز الدعاء بما يجول في قلب العبد وإن لم يرد في السنة المشرفة، وهو قول جمهور الفقهاء.

والحاصل أن الدعاء بما لم يرد ليس من الاعتداء في الدعاء إلا إذا تتضمَّن معاني محرَّمة أو مكروهةً، أو اشتمل الدعاء على في تراكيب وكلمات غريبة، أو تشقيق في العبارات، أو يكون المسؤول عنه ممتنعاً عقلاً وعادة كسؤال الله إحياء الموتى، أو رؤية الله في الدُّنيا أو منازل الأنبياء في الآخرة أو معجزاتهم في الدُّنيا أو أن يعطى جمال يوسف- عليه السَّلام- أو ملك سليمان، فكل هذا من التعدي في الدعاء فإن عري الدعاء عن كل هذا فهو مباح؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم"؛ رواه مسلم.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (22/ 488-489): "عن رجل دعا دعاء ملحونًا، فقال له رجل: ما يقبل الله دعاء ملحونًا؟"

فأجاب: "من قال هذا القول فهو آثم مخالف للكتاب والسنة ولما كان عليه السلف، وأما من دعا الله مخلصًا له الدين بدعاء جائز سمعه الله وأجاب دعاه، سواء كان معربًا أو ملحونًا، والكلام المذكور لا أصل له، بل ينبغي للداعي إذا لم يكن عادته الإعراب أن لا يتكلف الإعراب، قال بعض السلف: إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع، وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء، فإذا وقع بغير تكلف فلا بأس به؛ فإن أصل الدعاء من القلب، واللسان تابع للقلب، ومن جعل همته في الدعاء تقويم لسانه أضعف توجه قلبه؛ ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه، لا يحضره قبل ذلك، وهذا أمر يجده كل مؤمن في قلبه.

والدعاء يجوز بالعربية وبغير العربية، والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده وإن لم يقوّم لسانه؛ فإنه يعلم ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تنوع الحاجات". اهـ.

إذا تقرر هذا فصياغة الأدعية بالصورة المذكورة وغيرها، لا شيء فيه بشرط ألا يتضمن معاني محرَّمة من المشار إليها،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 6
  • 4
  • 10,867

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً