العلاج الكيمياوي لمرضى السرطان المصنوع من الخمر

منذ 2020-06-28

فإذا وصف الأطباء الثقات دواء يحتوي على الكحول، ولا يسكر عند تناوله فيجوز التداوي به، وأصح القولين في مذهب الإمام أحمد وغيره هو جواز التداوي بالمحرم للحاجة.

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا أم لثلاثة أطفال مريضة سرطان الثدي وأجريت العملية وكان علي ان ابدأ بالعلاج الكيمياوي ٦ شهور و الذي تأخذ عن طريق الأوردة ثم العلاج الإشعاعي قبل العلاج اصبت بتسمم الدم مما ادى إلى تغير الدواء إلى ماهو اقل ضرر على مكونات الدم لدي وهذه تأخذ عن طريق الأوردة ايضا ولكن بها نسبة اعلى من الكحول مقارنة بالدواء الأول والتي كانت /٣٠ في الأول وفي الثانية نسبة /٥٠ بالمئة انا أكملت العلاج الكيمياوي وبدات بالاشعاعي . انا كنت قد بحثت في الإنترنت فلم اجد أية شئ عن العلاج الكيمياوي والذي لا يوجد لديه بديل وبما انني أعيش في الغرب فلم اصل لأية شيخ وسؤالي الان هل انا آثمة لأني رأيت جميع الناس يتداوون بهذالعلاج ولم اجد أية فتوى في أية مكان في هذا الموضوع شكرا لكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإن المتأمل في الشريعة الغراء يعلم أنها تفرق في الحكم بين الأحوال العادية، والأحوال الاستثنائية، {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 173].

فالله تعالى حرم الخمر عمومًا، فإذا وصف الأطباء الثقات دواء يحتوي على الكحول، ولا يسكر عند تناوله فيجوز التداوي به، وأصح القولين في مذهب الإمام أحمد وغيره هو جواز التداوي بالمحرم للحاجة.

ويؤيده أن التداوي منه ما هو واجب، كما بينه شيخ الإسلام ابن تيمة في "مجموع الفتاوى" (18/ 12) حيث قال: "فإن الناس قد تنازعوا في التداوي: هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟

والتحقيق أن منه ما هو محرم، ومنه ما هو مكروه، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مستحب، وقد يكون منه ما هو واجب، وهو ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار.

فقد يحصل أحياناً للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة؛ كالتغذية للضعيف، وكاستخراج الدم أحياناً". اهـ.

أما ما رواه مسلم عن طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه - أو كره - أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء، فقال: "إنه ليس بدواء، ولكنه داء"، فلا يعارض ما ذكرناه أن من التداوي ما هو واجب، لا سيما في تلك الأمراض العضال.

فلا يجوز استعمال المسكر كدواء ابتداء، ولكن إذا دعت إلى ذلك ضرورة ولم يوجد دواء خال من الكحول يقوم مقامه، فلا بأس أن يستعمل المريض منه ما يدفع به الضرر، والضرورة تقدر بقدرها.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في قرار رقم: 94 (6/16): بشأن الأدوية المشتملة على الكحول والمخدرات:

" للمريض المسلم تناول الأدوية المشتملة على نسبة من الكحول إذا لم يتيسر دواء خال منها، ووصف ذلك الدواء طبيب ثقة أمين في مهنته " اهـ.

وقال الشيخ العثيمين كما في "فتاوى نور على الدرب" (9/ 2): "إذا كان هذا الجزء المختلط من الكحول بهذه الأدوية لا يؤثر، أي أنه ليس له تأثير بحيث يسكر لو تناوله الإنسان، أو تناول شيئاً كثيراً منه-: فإن ذلك لا يضر؛ لأن الكحول التي فيها لم يصبح لها أثر، أما إذا كانت هذه الكحول نسبة كبيرة بحيث، إذا تناول الإنسان منها شيئاً أو أكثر سكر-: فإنه لا يجوز ويجب أن يستبدل عنها عقاراً يكون خالياً من ذلك".

وعليه، فلا بأس من تناول الدواء المذكور إذا تعين كعلاج ولا يوجد بديل خال من الكحول،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 2
  • 2,961

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً