حكم ميراث المسلم من قريبه المسلم الذي ورث من كافر

منذ 2020-08-30
السؤال:

مسلم متزوج من مسيحية , عند موتها ورث منها , ثم عند موته ترك مالا إكتسبه في حياته و ترك أملاك هذه الزوجة , فهل يجب على أهله أن يخرجوا هذا المال حتى يبرؤا ذمته و حتى لا يعذّب ؟ و هل يحلُّ هذا مالُ لهم؟

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلم لا يرث الكافر سواء كان ذميا أو محاربًا؛ واحتجوا بالحديث المتفق عليه: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"، وذهب معاذ بن جبل ومعاوية بن أبي سفيان ومحمد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق بن الأجدع وعبد الله بن مغفل ويحيى بن يعمر وإسحاق بن راهويه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم: قالوا: نرثهم ولا يرثوننا كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا، وبأن "الإسلام يعلو ولا يعلى"، وحديث: "الإسلام يزيد ولا ينقص".

جاء في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (4/ 129- 130):

"وأما أهل الذمة فمن قال بقول معاذ ومعاوية ومن وافقهما يقول: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث المسلم الكافر"، المراد به الحربي؛ لا المنافق ولا المرتد ولا الذمي.

قال: ومما يؤيد القول بأن المسلم يرث الذمي ولا يرثه الذمي، أن الاعتبار في الإرث بالمناصرة، والمانع هو المحاربة.

إلى أن قال: فلما دخل مكة في حجة الوداع قيل له: ألا تنزل في دارك؟ فقال: "وهل ترك عقيل لنا من دار".

إلى أن قال ابن القيم: وهذه المسائل الثلاث من محاسن الشريعة: وهي توريث من أسلم على ميراث قبل قسمته، وتوريث المعتق عبده بالولاء، وتوريث المسلم قريبه الذمي، وهي مسألة نزاع بين الصحابة والتابعين، وأما المسألتان الأخيرتان فلم يعلم عن الصحابة فيهما نزاع؛ بل المنقول عنهم التوريث.

قال شيخنا: والتوريث في هذه المسائل على وفق أصول الشرع؛ فإن المسلمين لهم إنعام وحق على أهل الذمة: بحقن دمائهم، والقتال عنهم، وحفظ دمائهم، وأموالهم، وفداء أسراهم.

وقال الشيخ تقي الدين: يرث المسلم من قريبه الكافر الذمي؛ لئلا يمتنع قريبه من الإسلام، ولوجوب نصرتهم ولا ينصروننا". اهـ.

وفي "لاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية لدى تلاميذه" (1/ 649):

"قال ابن القيم: وقال شيخنا: ومما يؤيد القول بأن المسلم يرث الذمي ولا يرثه الذمي= أن الاعتبار في الإرث بالمناصرة، والمانع هو المحاربة، ولهذا قال أكثر الفقهاء: إن الذمي لا يرث الحربي.

وقد قال تعالى في الدية: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92]، فالمقتول إن كان مسلما فديته لأهله، وإن كان من أهل الميثاق فديته لأهله، وإن كان من قوم عدو للمسلمين فلا دية له؛ لأن أهله عدو للمسلمين وليسوا بمعاهدين، فلا يعطون ديته ولو كانوا معاهدين لأعطوا الدية". اهـ.

إذا تقرر هذا؛ فيحل لكم أخذ الميراث من القريب المسلم الذي ورث زوجته النصرانية،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 2,009

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً