حكم الصداقةٍ البريئة بهدف الزواج
السلام عليكم إخواني في الله
أريد أن أجد حلاًّ للحيرة التي بداخل فتيات كثر، ألا وهي الزواج.
لقد أصبح الزواج التقليدي، أي شاب يَخطب فتاة دون معرِفَتها ومعرفة ردِّها هل تقبل أم ترفض، ولهذا السبب لجأتِ الكثير من الفتيات إلى البحث عن الزَّوْجِ، وذلك بقبول صداقةٍ بريئة وطاهرة, هدفُها الارتباط والزواج ارتباطًا يُساهم في إعفاف الطرفَيْنِ, لكن هل هده الصداقة تَجوز شرعًا؟ ولي سؤالٌ: كيف يُمكن معرفة أنَّ شخصً ما متديِّن وأنه لا ينافق؟ شكرًا.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ إقامة الصداقةِ بَيْنَ الفتياتِ والفِتيان من أعظم المُنكرات، وأبشع الفواحِش التي يجب على المسلم اجتنابُها، والابتعادُ عنها؛ صونًا لدينه وعرضه.
واعلَمْ أنَّه لا يوجد في الإسلام ما يُعْرَف بعلاقاتِ الصَّداقة البريئة أوِ الطاهرة بَيْنَ الجِنْسيْنِ، وكَمْ أحدَثَتْ تلك الصداقات - البريئة! - من مفاسدَ عظيمة، لا يعلَمُها إلا الله تعالى، والواقع خيرُ شاهدٍ على ذلك، فضلاً عمَّا فيها من مُخالفةٍ لآداب الشريعة وقد قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
وقد نَهانا الله عن اتِّباع خطوات الشيطان، الذي يُزَيِّن للناس القبيح، وربَّما فتح لبعضهم بابًا مشروعًا ثم ينحرفُ بِهِم إلى الهاوية؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21].
وفي الصحيحَيْنِ من حديث أُسامةَ بنِ زَيْدٍ - رضي الله عنه - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما تَرَكْتُ بعدي فِتنةً أضَرَّ على الرِّجال من النِّساء)).
وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الدنيا حلوة خضرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساءَ، فإنَّ أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)).
ومعلوم أنَّ الفتاةَ سريعةُ التَّأثُّر، والشبابُ العابث يُجيد الخديعة، وكما قيل: "وَالغَوَانِي يَغُرُّهُنَّ الثَّناءُ" ومَنْ رأى افتِتَانَ الشباب بالنِّساء والعكس، وكثرةَ ما يقع من الفواحش والرّذائِل بِمُصادَقَتِهنَّ، أو النَّظر إليهنَّ، علِمَ صِدْقَ نُصْحِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمَّتِه، وكمالَ شفقتِه ورحْمتِه بِهم.
فالحذرَ الحذرَ من هذا الطريق المحفوف بالندامة، والأصل في الفتن أن تجتنب، لأن من جاورها فتن كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ((سَتَكُونُ فِتَنٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِى، وَالْمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى؛ مَنْ تَشَرَّفَ لَهَا تَسْتَشْرِفُهُ وَمَنْ وَجَدَ فِيهَا مَلْجَأً فَلْيَعُذْ بِهِ))؛ متفق عليه من حديث أَبَي هُرَيْرَةَ.
أمَّا معرفةُ تديُّن شخص من نِفاقه، فلا يكونُ بإقامةِ صداقاتٍ مُحرَّمة بَيْنَ الجِنسيْنِ، كُلٌّ مِنهما يَكذِبُ على الآخر ويخدَعُه، وإنَّما هذه وظيفةُ ولِيِّ المرأة أن يسأَلَ عمَّن يتقدَّمُ لوليَّتِه جيرانَه وأصدقاءَه وأقربَ النَّاس عنده،، والله أعلم.