هل يفسد صوم من تردد في الإفطار أو تمنى أنه لم يصم ؟
صمت رمضان ، وفي أثناء اليوم تعبت وترددت هل أفطر أم لا ، ثم أكملت صومي ، فهل يؤثر هذا التردد على صومي ؟
من نوى الفطر وهو صائم، بطل صومه، إذا كان جازماً غير متردد، ولو عدل بعد ذلك عن نيته فقد أفطر ولزمه قضاء هذا اليوم.
ولكن من تردد في الإفطار ولم يجزم في نيته الفطر، هل يبطل صومه بذلك؟
اختلف العلماء رحمهم الله في مسألة التردد، هل يفطر أم لا ؟
قال المرداوي رحمه الله: " وعلى المذهب: لو تردد في الفطر، أو نوى: أنه سيفطر ساعة أخرى، أو قال: إن وجدت طعاماً أكلت وإلا أتممت: فكالخلاف في الصلاة.
قيل يبطل؛ لأنه لم يجزم النية، نقل الأثرم لا يجزئه عن الواجب، حتى يكون عازماً على الصوم يومه كله.
قلت: وهذا الصواب.
وقيل: لا يبطل ; لأنه لم يجزم نية الفطر، والنية لا يصح تعليقها، وأطلقهما في الفروع، والزركشي ". انتهى من "الإنصاف" (3/297).
وذهب الحنفية والشافعية إلى أن صومه لا يبطل بالتردد. ينظر: " بدائع الصنائع " للكاساني(2/92).
قال النووي: " وَلَوْ تَرَدَّدَ الصَّائِمُ فِي قَطْعِ نِيَّةِ الصَّوْمِ وَالْخُرُوجِ مِنْهُ... الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ: لَا تَبْطُلُ " انتهى من "المجموع شرح المهذب" (6/297).
وهذا القول أقرب ؛ لأن الأصل بقاء الصوم وتردده في الفطر لا ينافي نية الصوم، حتى يعزم على قطعها وإزالتها.
وبهذا أفتى الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن جبرين رحمهما الله تعالى.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " وأما إذا لم يعزم ولكن تردد فموضع خلاف بين العلماء:
منهم من قال: إن صومه يبطل؛ لأن التردد ينافي العزم.
ومنهم من قال: إنه لا يبطل؛ لأن الأصل بقاء النية حتى يعزم على قطعها وإزالتها، وهذا هو الراجح عندي لقوته، والله أعلم " انتهى من "مجموع الفتاوى"(19/188).
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: " إذا كان الإنسان صائماً، ثم ترددت نيته في الإفطار وعدمه، فهل يعد مفطراً ؟
فأجاب: ذكر العلماء أن من عزم على الإفطار ولو لم يأكل بطل صومه، فلو سافر إنسان وعزم على أنه يفطر، ولكن ما وجد ماء ولا وجد أكلاً، ولما لم يجده أكمل صيامه نقول: بطل صومه بهذا العزم.
أما مسألة التردد فالأصل البقاء، فإذا لم يكن هناك عزم إنما هو تردد هل أتم صومي أو أقطعه، وهل أفطر أو أصوم فالأصل البقاء، فلا يضره هذا التردد إن شاء الله، وله صيامه، ولا يلزمه القضاء والحال هذه.." انتهى من شرح "عمدة الأحكام"(38/27).
وبهذا يتضح أن من تردد في نية الصوم، فصومه صحيح ؛ لأن الأصل بقاء الصوم.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: