حكم اعتزال الرجل لزوجته في العشر الأواخر من رمضان

منذ 2022-05-06
السؤال:

هل يجوز اعتزال الرجل لزوجته فى العشر الاواخر من رمضان دون الاعتكاف بالمسجد للعمل بسنة النبى صلى الله عليه وسلم

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

  فقد دلت السنة المشرفة على الاجتهاد في العشر الأواخر من شهر رمضان كما في لصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إذا دخل العشر، أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر"، واللفظ لمسلم، وقوله: "وشد المئز": من ألطف الكناية عن اعتزال النساء.

وقد اختلف العلماء في معناها،  كما حكاه الخطابي في "معالم السنن" (1/ 282): "شد المئزر يتأول على وجهين: أحدهما هجران النساء وترك غشيانهن، والآخَرُ الجد والتشمير في العمل".

وممن حمل شد المئز على اعتزال الزوجة القرطبي كما في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (3/ 249) حيث قال: "(شد المئزر)؛ أي: امتنع عن النساء، وهذا أولى من قول من قال: إنه كناية عن والاجتهاد؛ لأنه قد ذكر ذلك -يقصد: الجد- فحمْلُ هذا على فائدة مستجدة أولى". اهـ.

وقال القسطلاني في شرحه صحيح البخاري (3/ 438): "... قيل هو كناية عن شدة جده واجتهاده في العبادة؛ كما يقال: فلان يشد وسطه ويسعى في كذ،ا وهذا فيه نظر؛ فإنها قالت: "جد وشد المئزر"، فعطفت شد المئزر على الجد، والعطف يقتضي التغاير، والصحيح أن المراد به اعتزاله للنساء وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون، وجزم به عبد الرزاق عن الثوري واستشهد بقول الشاعر:

قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار

ويحتمل أن يراد الاعتزال والتشمير معا فلا ينافي شد المئزر حقيقة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يصيب من أهله في العشرين من رمضان، ثم يعتزل النساء ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر. وعند ابن أبي عاصم بإسناد مقارب عن عائشة كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان رمضان قام ونام، فإذا دخل العشر شد المئزر واجتنب النساء. وفي حديث أنس عند الطبراني كان -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأواخر من رمضان طوى فراشه واعتزل النساء".

وجاء في "نيل الأوطار"(4/ 319): "والحديث فيه دليل على مشروعية الحرص على مداومة القيام في العشر الأواخر من رمضان وإحيائها بالعبادة واعتزال النساء، وأمر الأهل بالاستكثار من الطاعة فيها". اهـ.

إذا تقرر هذا، فيشرع للزوج اعتزال زوجته والتفرغ للعبادة في العشرة الأواخر من رمضان، ولكنه لم يحرم عليهما، فإن كان أحد الزوجين في حاجة لقضاء وطره فلا بأس بذلك؛ قال الله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: 187]،، والله أعلم.  

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 10
  • 4
  • 3,145

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً