الهجره الي أمريكا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا اسلام عمري ٢٢ عام سؤالي؟ ابي و امي منفصلان عن بعض و ابي متجوز و امي تعيش في أمريكا و امي تريد أن نهاجر على أمريكا عندها مع العلم ان ابي موافق على سفرنا و ابي يعاملنا بشكل سئ جدا ولا يريد أن نعيش معه و لا يصرف علينا بشكل جيد مع العلم ان ابي راتبه يكفيه كثيرا هل يجوز الهجره في قصتي؟
الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن مناط الإقامة في أي بلد هو القدرة على إظهار الدين، والتمكن من أداء ما يجب على المسلم، والكف عما نُهي عنه.
فالإقامة في بلاد الكفار مشروعة بشرط أن يأمن على دينه، وأن يكون عنده من العلم والإيمان وقوة العزيمة والصبر ما يكون سببًا للثبات على الدين، والأمن على النفسِ من الفتن، والشبهات والشهوات ومواطن الريبة والانحراف والزيغ.
كما يشترط أيضا للإقامة في تلك البلاد التمكن من إظهار الدين، وأداء الشعائر التعبدية كالصلاة والصيام، والكف عن المحرمات، وغيرها.
فالدين هو أغلى ما نملِك وأولى ما تَجِب المحافظةُ عليه، وهو أعظم نعم الله علينا والسلامةُ فيه لا يعدِلُها شيءٌ، ومن روائع الإمام الحسن البصري كما في الزهد لأحمد بن حنبل (ص: 229): "ابن آدم دينك دينك فإنما هو لحمك ودمك؛ فإن يسلم لك دينك يسلم لك جسمك ودمك، وإن تكن الأخرى فنعوذ بالله! فإنها نار ولا تطفأ، وجسد لا يبلى، ونفس لا تموت".
وقال ابن قدامة في "المغني" (9/ 294): "فَالنَّاسُ فِي الْهِجْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ؛ أَحَدُهَا، مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، وَلَا يُمْكِنُهُ إظْهَارُ دِينِهِ، وَلَا تُمْكِنُهُ إقَامَةُ وَاجِبَاتِ دِينِهِ مَعَ الْمُقَامِ بَيْنَ الْكُفَّارِ، فَهَذَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْهِجْرَةُ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 97] . وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.
وَلِأَنَّ الْقِيَامَ بِوَاجِبِ دِينِهِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْهِجْرَةُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوَاجِبِ وَتَتِمَّتِهِ، وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ.
الثَّانِي: مَنْ لَا هِجْرَةَ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ مَنْ يَعْجِزُ عَنْهَا، إمَّا لِمَرَضٍ، أَوْ إكْرَاهٍ عَلَى الْإِقَامَةِ، أَوْ ضَعْفٍ؛ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْوِلْدَانِ، وَشِبْهِهِمْ، فَهَذَا لَا هِجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِلا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلا} [النساء: 98] {فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 99]، وَلَا تُوصَفُ بِاسْتِحْبَابٍ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهَا.
وَالثَّالِثُ: مَنْ تُسْتَحَبُّ لَهُ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ وَهُوَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا، لَكِنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ إظْهَارِ دِينِهِ، وَإِقَامَتِهِ فِي دَارِ الْكُفْرِ، فَتُسْتَحَبُّ لَهُ، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ جِهَادِهِمْ، وَتَكْثِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعُونَتِهِمْ، وَيَتَخَلَّصَ مِنْ تَكْثِيرِ الْكُفَّارِ، وَمُخَالَطَتِهِمْ، وَرُؤْيَةِ الْمُنْكَرِ بَيْنَهُمْ.
وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ وَاجِبِ دِينِهِ بِدُونِ الْهِجْرَةِ؛ وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ عَمُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقِيمًا بِمَكَّةَ مَعَ إسْلَامِهِ". اهـ.
وعليه، فيجوز لك الهجرة لأمريكا إن تحققت فيك ما اشترطه أهل العلم،، والله أعلم.
- المصدر: