حكم أكل الثعابين
اكل الثعابين
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالراجح من أقوال أهل العلم هو حرمة أكل جميع الحشرات كلها؛ لأنها تعد من الخبائث التي بنفر منها الطبع السليم وإلى هذا ذهب الحنفية والظاهرية، واستثنوا الجراد؛ لأنه مما أجمعت الأمة على حل أكله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال".
وحرم الشافعية والحنابلة أكل الثعبان والحشرات ولكن استثنى بعض أصناف الحشرات، وإن كانوا قد اختلفوا في بعض الأفراد.
وذهب المالكية إلى حِل الحشرات كلها لمن لا تضره، واشترطوا في الحِل تذكيتها، فإن كانت مما له دم سائل، ذكيت بقطع الحلقوم والودجين من أمام العنق بنية وتسمية، وإن كانت مما ليس له دم سائل، كالحلزون البري، ذكيت كما يذكى الجراد.
قال أبو محمد بن حزم في "المحلى"(6/ 73-74): "ولا يحل أكل شيء من الحيات، ولا أكل شيء من ذوات المخالب من الطير وهي التي تصيد الصيد بمخالبها، ولا العقارب، ولا الفئران ولا الحداء، ولا الغراب؛ روينا من طريق مسلم نا شيبان بن فروخ نا أبو عوانة عن زيد بن جبير قال: قال ابن عمر: حدثتني إحدى نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم – "أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور، والفأرة، والعقرب، والحديا، والغراب، والحية، قال: وفي الصلاة أيضا".
ومن طريق مسلم حدثني إسحاق بن منصور نا محمد بن جهضم نا إسماعيل وهو عندنا ابن جعفر عن عمر بن نافع عن أبيه قال كان عبد الله بن عمر يومًا عند هدم له، رأى وبيص جان فقال: اقتلوا؟ فقال أبو لبابة الأنصاري: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – "نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت، إلا الأبتر وذا الطفيتين؛ فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء".
فكل ما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله فلا ذكاة له؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعة المال؛ ولا يحل قتل شيء يؤكل، وقد ذكرنا في كتاب الحج قوله – صلى الله عليه وسلم -: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم، فذكر: العقرب، والفأرة، والحدأة، والغراب، والكلب العقور".
فصح أن فيها فسقًا، والفسق محرم قال تعالى: { قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145].
فلو ذبح ما فيه فسق لكان مما أهل لغير الله به؛ لأن ذبح ما لا يحل أكله معصية، والمعصية قصد إلى غير الله تعالى به، روينا عن عمر بن الخطاب: اقتلوا الحيات كلها...
إلى أن قال: (6/ 75): "وأما العقارب والحيات فما يمتري ذو فهم في أنهن من أخبث الخبائث؛ وقد قال تعالى: {ويحرم عليهم الخبائث}[الأعراف: 157].
وأباحوا أكل الحيات المذكاة، وهم يحرمون أكل ما ذكي من قفاه، ولا سبيل إلى تذكية الحيات إلا من أقفائها؟ قال أبو محمد: وهي والخمر تقع في الترياق فلا يحل أكله إلا عند الضرورة على سبيل التداوي، لأن المتداوي مضطر، وقد قال تعالى: {إلا ما اضطررتم إليه} [الأنعام: 119].
إذا تقرر هذا فلا يحل أكل الحيات،، والله أعلم.
- المصدر: