حكم إنشاء شوربخانة وسقاية ماء من الزكاة

منذ 2022-10-10
السؤال:

هل يجوز دفع الزكاة لانشاء شوربخانه ومكان اعداد وتوزيع طعام وسقاية ماء للسبيل والفقراء

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد حدَّد الله - عزَّ وجلَّ - مصارِف الزَّكاة، في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التَّوبة: 60].

وقد اختلف الأئمة المتبعين ومن بعدهم في صرْف الزَّكاة في غير ما اشتملتْ عليْهِم الآية الكريمة، أو هل يدخُل في قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} بناءُ المساجد وصيانتها، وبناء المدارس، والربط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، أو غيرها من المشاريع الخيريَّة.

ولأهمية هذا الموضوع بحثه مجمع الفقهي الإِسلامي التابع لرابطة العالم الإِسلامي بمكة المكرمة، حيث ظهر لأهل العلم أن للعلماء في المسألة قولين:

أحدهما: قصر معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} في الآية الكريمة على الغزاة في سبيل الله، وهذا رأي جمهور العلماء، وأصحاب هذا القول يريدون قصر نصيب {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} من الزكاة على المجاهدين الغزاة في سبيل الله تعالى.

القول الثاني: أن سبيل الله شامل، عام لكل طرق الخير، والمرافق العامة للمسلمين: من بناء المساجد وصيانتها، وبناء المدارس، والربط، وفتح الطرق، وبناء الجسور، وإعداد المؤَن الحربية، وغير ذلك من المرافق العامة، مما ينفع الدين، وينفع المسلمين، وهذا قول قلَّة من المتقدمين، وقد ارتضاه واختاره كثير من المتأخرين.

وقد قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:

نظرًا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظًّا من النظر في بعض الآيات الكريمة مثل قوله تعالى: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262]، ومن الأحاديث الشريفة، مثل ما جاء في سنن أبي داود: أن رجلًا جعل ناقة في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ارْكبِيها فإنَّ الحَجَّ في سَبِيلِ الله".

ونظرًا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى، كما يكون بالقتال يكون -أيضًا- بالدعوة إلى الله تعالى، ونشر دينه: بإعداد الدعاة، ودعمهم، ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كلا الأمرين جهادا؛ لما روى الإِمام أحمد والنسائيُّ وصححه الحاكم، عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "جَاهِدُوا المُشْرِكينَ بِأمْوَالِكُمْ وَأنفُسِكُمْ وَأَلسِنَتِكُمْ".

ولهذا يقرر المجلس: أن المؤسسات التعليمية والاجتماعية من المدارس والمستشفيات ونحوها، إذا كانت في بلاد الكفر، تعتبر اليوم من لوازم الدعوة، وأدوات الجهاد في سبيل الله، وهي مما يدعم الدعوة ويعين على أعمالها، بل هي لازمة للمحافظة على عقائد المسلمين وهُويَّتهم الدينية، في مواجهة التخريب العقائدي والفكري الذي تقوم به المدارس والمنشآت التنصيرية واللادينية على أن تكون هذه المؤسسات إسلامية خالصة، ممحضة لأغراض الدعوة والرسالة والنفع لعموم المسلمين، وليست لأغراض تجارية تخص أفرادًا أو فئة من الناس، أما ما يتعلق بتأسيس صندوق للزكاة، لجمعها من المكلفين بها، وصرفها في مصارفها الشرعية، ومنها ما ذكرناه أعلاه، فهو أمر محمود شرعًا، لما وراءه من تحقيق مصالح مؤكدة للمسلمين، بشرط أن يقوم عليه الثقات المأمونون العارفون بأحكام الشرع في تحصيل الزكاة وتوزيعها". اهـ. من" قرارات المجمع الفقهي الإِسلامي التابع لرابطة العالم الإِسلامي بمكة المكرمة (1/ 45)"

إذا تقرر هذا، فلا بأس من صرف أموال الزكاة في إنشاء شوربخانة ومكان اعداد وتوزيع طعام وسقاية ماء للسبيل والفقراء، إذا لم يتيسر إنشاؤها من الصدقات؛ وهي من نوازل الزكاة في زماننا،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 5
  • 1
  • 500

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً